تركيا .. إسرائيل .. سوريا .. 3 سنوات حاسمة.
لن تقف إسرائيل صامتة وهي ترى سوريا التي خططت كثيراً لإيقاعها في الفوضى والفشل الدائم ، أن تراها وهي تتحول إلى دولة ذات إرادة واستقرار وعصية على التأثير والكسر ..
بجانب الأزمة الإسرائيلية المتعلقة بـ (من يحكم سوريا)
هناك أزمة أخرى استراتيجية ....
أن خروج إيران من سوريا ،، تم على يد جيش أيديولوجي إسلامي، بدعم سياسي وعسكري تركي.
وهو الأمر الذي حدث فجأة، ولم يكن يتوقعه أحد ، أقصى المتفائلين كان يتوقع أن تصل المعارضة لحلب وتقبل بالتفاوض لإعادة دمج المناطق المحررة تحت حكم بشار .. لكن ما حدث فاجأ الجميع، فاجأ الثوار أنفسهم "اسمعوا لتحقيق أحمد منصور حول كواليس المعركة".
المهم الآن أنه بالنسبة لتركيا ، إسرائيل صارت تهديد مباشر علي مسافة ساعتين من حدودها.
وبالنسبة لإسرائيل، تركيا أصبحت تهديد مباشر الآن، فسوريا الجديدة لديها عمق استراتيجي مهم ووازن وقوي وله تأثير دولي هائل (تركيا)
لم تعد سوريا معزولة منبوذة ولم يعد عمقها الاستراتيجي هو إيران، المعزولة المنبوذة هي أيضا.
بل إن على إسرائيل إن كانت طامعة في تطويع سوريا وتكبيلها، أن تواجه حكام جدد لا يدينون بالولاء للنظام العالمي، ولا عليهم فواتير واجبة الدفع لأمريكا ،، بل وإنهم يستندون لشريك قوي ومخلص ولا يتخلى عن حلفاؤه، ولديه حضور ووزن دولي كبير ،، إسرائيل الآن تشعر بخطر يأتيها من واحدة من أكبر 20 دولة في العالم، تركيا كذلك ليس عليها فواتير لأحد، حكامها شرعيون وناجحون ومستقلون، وليست دولة رهينة لتحالف شرقي أو غربي، تركيا دولة تصنع 80٪ من سلاحها، وتصنع طائرات مقاتلة وبوارج حربية ولديها اسطول كبير ، وعضو بالناتو الغربي ، وحليف لروسيا كذلك وعضو بالبريكس الشرقي، ولا تدين لصندوق النقد ولا يمكن لي ذراعها فيما يتعلق بأمنها القومي.
تركيا بلد وازن ... وأن يكون لدى إسرائيل أزمة مع تركيا في سوريا ،، هذا ليس سهلاً ولا يقارن بأي شئ اختبرته إسرائيل سابقاً.
إذن..
تحرير سوريا بداية لصراع إسرائيلي تركي ،، سيبدأ في المساحة السياسية .. ثم مع الغباء والتآمر الإسرائيلي الحتمي في سوريا .. سيتحول الصراع إلى المساحة الأمنية .. وإذا بدأت سوريا تقف على قدميها ، وتمتلك إرادتها وتبني قدرتها ،، ستشعر إسرائيل بالهيستيريا وترتكب أخطاء غبية في سوريا (غالباً في المجال الكردي) ..
وإذا تطورت الأوضاع في فلسطين بالتوازي خلال السنوات الثلاث القادمة ،، (ومع تفاقم متوقع وحتمي للأزمات السياسية الداخلية في إسرائيل بعد الحرب) وإذا بدأت أمريكا تغرق في أزماتها الاقتصادية الحتمية، وخاصة مع بداية صراع كبير متوقع مع الصين (برعاية المتعجرف ترامب) ، كل هذا قد يدفع الصراع التركي الإسرائيلي إلى المساحة العسكرية، أو يقترب منها، خاصة إذا علمت أن التوغلات الإسرائيلية المتسرعة في سوريا ، تعاملت معها تركيا بذكاء ، أوحت إلى الإدارة السورية الجديدة بالصمت، بينما تولت تركيا الملف دبلوماسياً لانتزاع قبول دولي بوجود قوات تركية في المنطقة العازلة بين سوريا وإسرائيل مقابل خروج الاحتلال من المناطق المحتلة حديثاً، واعتراف متبادل باتفاقية 1973 وهو ما قد تضطر إسرائيل لقبوله خلال أشهر من الآن خاصة بعد تولي ترامب، هذا إن حدث ، سيوفر فترة زمنية كافية للثورة السورية أن تلتقط أنفاسها وترمم أساساتها، وسيضع تركيا كحامي وضامن للتحول السياسي في سوريا، والمهم، أنه سيضع تركيا على حدود إسرائيل. مسافة أمتار.
قد يستغرب البعض هذا التسلسل ويستبعده .. لكن ما كان مستبعداً قبل عام واحد ،، أصبح الآن حقيقة.
هناك رجل اسمه "دولت بهتشلي" رئيس حزب الحركة القومية التركي، وهو شريك أردوغان في الحكم والأفكار.
الرجل دائماً ما يعبر ويصرح بما لا يمكن لأردوغان أن يصرح به ، لا يصرح بشيء ولا يقدم على شيء إلا في إطار تنسيق مع أردوغان ، يلتقيا بشكل مستمر ، وبينهما مشتركات كبيرة ، وخلال سنوات التحالف نمت بينهما صداقة كبيرة.
هذا الرجل صرح قبل يومين تصريحات ملفتة وهامة:
"من يطمع في دمشق، عليه أن يتوقع صفعة العثمانيين، في تل أبيب والقدس، التاريخ علمنا أن المحطة الأولى نحو القدس هي دمشق، وإذا كانت دمشق آمنة فعندها سيحين الوقت لتكون القدس آمنة أيضًا!"
التحولات الكبيرة في المنطقة تحدث بالفعل .. ولكن ليست كما يتمنى ويتصور نتنياهو .
ستنتهي حرب غزة (بإذن الله) ،، وسيسقط نتنياهو وسيترك إسرائيل في مأزق وجودي ، داخلي وإقليمي ودولي ، لا أحد في إسرائيل قادر على إخراجها منه.
عز الدين دويدار