قُتل "جورج فلويد" في الولايات المتحدة الأمريكية على يد الشرطة، فاشتعلت الثورات في مختلف أرجاء العالم تحت شعار "حياة السود مُهمة" وهيَ إشارة إلى أصحاب ذوي البشرة السمراء، واتخذ شِعار "لا أستطيع التنفس" منهجاً للتعبير عن حقوق الآخرين المضطهدين للتصنيف العنصري الخاضع لمعيار لون البشرة لا الكفاءة العملية في مجالات العمل في هذه الحياة.
لم تكن المظاهرات فقط في الولايات المتحدة، امتدت إلى مراكز التأثير الأوربية، لندن، باريس وغيرها، وهذا الأمر يدعو للتساؤل، هل فعلاً رابطة "اللون" قويّة إلى هذه الدرجة وما الذي جعل الآخرين يتظاهرون، وهُم على مسافة مُحيط هائل الحجم عن مكان المشكلة.
1.الإعلام:
قد يكون المحرّك الأوّل في هذا العصر للشعوب، فالبشر أصبحوا يثقون بشكلٍ أعمى بالفيديوهات -بالمناسبة يمكنكم مراجعة الإنترنت حول إمكانية فبركة الفيديوهات- وهذه الثقة أصبحت أداة خطيرة لإدارة وعي الشعوب، فبإمكان فيديو واحد أن يحرّك آلاف المشاعر ويجعلها تتبنّى قضية لا تعرف عنها إلا ما حدث مؤخّراً.
2.المتظاهرين:
لا يمكن تغذية أي تحرّك عالمي دون وجود عنصر الشباب، فهم الوقود الحقيقي لكل الحركات العالمية، فأيّ مطالبة بأيّ حق إن لم ينطلق بقوّة شبابية لن يُشاهد هذا التحرّك على نطاق واسع، وأمّن المُجتمع العالمي الحضور الشبابي عبر نداءات "تويتر، فيسبوك، يوتيوب، سناب، تيك توك ..الخ" من برامج إعلامية اجتماعية، فلولا هذه البرامج لما عرف أحد بأيّ من هذه التحركات، كما أنّ استخدام المتظاهرين كمنظومة إعلامية تؤمن حياتهم وحياة البقية وتوجّه اللون لمن تشاء كان خطوة واضحة في التحرّك الأسمر حول العالم.
3.المنظمات:
هل يُمكن لحراك حقوقي بهذا الحجم أن يعيش يوماً إضافياً دون وجود دعم مالي قوي؟ لا أعتقد فهذه التحركات تحتاج إلى منظومة إعلامية ومالية وتاريخية لتصل إلى أهدافها، فالمنظمة الأساسية التي تأسست بعد مقتل جورج جمعت إلى الآن مبلغ 6.5 مليون دولار أمريكي لدعم الحراك، ولاحظت وجود موقع رسمي موحّد يستعرض تاريخ ظُلم ذوي البشرة السمراء، ويعرض منتجات داعمة للتحرّك كالملابس والأسوار التي توحّد الموقف.
الآن، لنتأمّل ما حصل، هل يمكن أن نطالب بحقوقنا بذات الأسلوب؟ لا غالباً. لا نمتلك أدوات إعلامية ريادية، لا نمتلك ثقافة الدعم المالي، لا نمتلك منظمات مجتمع مدني قادرة على التأثير، فقط لنتخيّل، قبل سنوات قُتل مئات الشباب في حادثة قد تكون الأبشع في تاريخ حياتنا القصير، جُمع المئات بتصنيف طائفي، وتم قتلهم ورميهم في النهر، وتم توثيق هذه الحادثة بالفيديو، إلا أنّ الحضور الواعي لم يتمكن من رفع هذه المظلومية إلى المجتمع الدولي، واكتفي بالندب والشجب عبر تويتر، فيسبوك، لستُ أدعوكم للحراك الوحشي أو الغوغائي، وإنما فهم التحركات الدولية وكيف يُمكن صناعتها ودراستها، ففيها ما يستحق التأمل والعمل لتحقيقه، فالإعلام لم يعد حكراً على فئة دون أخرى، والتمويل الجماعي لم يعد حكراً على جماعة دون أخرى، والحضور الدولي بالترجمة والمراسلات الدولية لم يعد حكراً على فئة، فقط لنتأمّل ونعي ما يحصل حولنا.
حسين المتروك
13-6-2020
لم تكن المظاهرات فقط في الولايات المتحدة، امتدت إلى مراكز التأثير الأوربية، لندن، باريس وغيرها، وهذا الأمر يدعو للتساؤل، هل فعلاً رابطة "اللون" قويّة إلى هذه الدرجة وما الذي جعل الآخرين يتظاهرون، وهُم على مسافة مُحيط هائل الحجم عن مكان المشكلة.
1.الإعلام:
قد يكون المحرّك الأوّل في هذا العصر للشعوب، فالبشر أصبحوا يثقون بشكلٍ أعمى بالفيديوهات -بالمناسبة يمكنكم مراجعة الإنترنت حول إمكانية فبركة الفيديوهات- وهذه الثقة أصبحت أداة خطيرة لإدارة وعي الشعوب، فبإمكان فيديو واحد أن يحرّك آلاف المشاعر ويجعلها تتبنّى قضية لا تعرف عنها إلا ما حدث مؤخّراً.
2.المتظاهرين:
لا يمكن تغذية أي تحرّك عالمي دون وجود عنصر الشباب، فهم الوقود الحقيقي لكل الحركات العالمية، فأيّ مطالبة بأيّ حق إن لم ينطلق بقوّة شبابية لن يُشاهد هذا التحرّك على نطاق واسع، وأمّن المُجتمع العالمي الحضور الشبابي عبر نداءات "تويتر، فيسبوك، يوتيوب، سناب، تيك توك ..الخ" من برامج إعلامية اجتماعية، فلولا هذه البرامج لما عرف أحد بأيّ من هذه التحركات، كما أنّ استخدام المتظاهرين كمنظومة إعلامية تؤمن حياتهم وحياة البقية وتوجّه اللون لمن تشاء كان خطوة واضحة في التحرّك الأسمر حول العالم.
3.المنظمات:
هل يُمكن لحراك حقوقي بهذا الحجم أن يعيش يوماً إضافياً دون وجود دعم مالي قوي؟ لا أعتقد فهذه التحركات تحتاج إلى منظومة إعلامية ومالية وتاريخية لتصل إلى أهدافها، فالمنظمة الأساسية التي تأسست بعد مقتل جورج جمعت إلى الآن مبلغ 6.5 مليون دولار أمريكي لدعم الحراك، ولاحظت وجود موقع رسمي موحّد يستعرض تاريخ ظُلم ذوي البشرة السمراء، ويعرض منتجات داعمة للتحرّك كالملابس والأسوار التي توحّد الموقف.
الآن، لنتأمّل ما حصل، هل يمكن أن نطالب بحقوقنا بذات الأسلوب؟ لا غالباً. لا نمتلك أدوات إعلامية ريادية، لا نمتلك ثقافة الدعم المالي، لا نمتلك منظمات مجتمع مدني قادرة على التأثير، فقط لنتخيّل، قبل سنوات قُتل مئات الشباب في حادثة قد تكون الأبشع في تاريخ حياتنا القصير، جُمع المئات بتصنيف طائفي، وتم قتلهم ورميهم في النهر، وتم توثيق هذه الحادثة بالفيديو، إلا أنّ الحضور الواعي لم يتمكن من رفع هذه المظلومية إلى المجتمع الدولي، واكتفي بالندب والشجب عبر تويتر، فيسبوك، لستُ أدعوكم للحراك الوحشي أو الغوغائي، وإنما فهم التحركات الدولية وكيف يُمكن صناعتها ودراستها، ففيها ما يستحق التأمل والعمل لتحقيقه، فالإعلام لم يعد حكراً على فئة دون أخرى، والتمويل الجماعي لم يعد حكراً على جماعة دون أخرى، والحضور الدولي بالترجمة والمراسلات الدولية لم يعد حكراً على فئة، فقط لنتأمّل ونعي ما يحصل حولنا.
حسين المتروك
13-6-2020