استثمار الموهبة المتوقدة في الطريق الصحيح!
حينما تزوجت "أم خالد"، منذ أكثر من عقد، أعربَتْ عن الكثير من التردد حول كونها مجرد "ربة منزل". كانت وقتها على وشك التخرج مع مرتبة الشرف من جامعة هارفارد ينتظرها عالمٌ من الأجر الوظيفي المرتفع ووظائفُ مرموقة، وفرص أكاديمية. بينما كنت أطلب منها أن ترمي كل ذلك بعيدًا؛ للزواج وإنجاب الأطفال وأن تكون في المنزل.
كيف سأقنعها؟
جلستُ متوترا على الأريكة الجلدية في غرفة معيشة والدها، محاولا التفكير في شيء ما.
"حسنًا، الوظيفة ليست كل شيء، كما تعلمين"، تلعثمْتُ "الكثير من الناس تعبوا من وظائفهم بعد فترة وأصبح العمل كادحًا."
من الجانب الآخر من الغرفة، استطعت أن أقول أنها لم تقتنع.
"ألست تخطط لمهنة (كارير)؟ ألا تسعى لتحقيق طموحاتك؟" رَدَّتْ..
نقطة جيدة..
ثم أتاني الجواب. لكن كان علي التعبيرعنه بالطريقة الصحيحة.
"لماذا يجب توجيه جميع طموحاتنا لتسلق سلم الشركات أو الحصول على وظيفة في الجامعة؟"
جلسَتْ. لفتَ هذا انتباهها..
فوضَّحْتُ أكثر:
"أليس ذلك مضيعة إذا استُخدِمَت مواهبك لإثراء أسهم بعض الشركات أو بناء سيرة ذاتية؟ هل هذه هي الأشياء التي تهم حقًا في الحياة؟ انظري، كرجل، عليَّ أن أعمل لأنني مُلزم بمسؤوليات. لذا أيا كانت طريقة إتمامي لها أنا ملزم بها، لكن في الإسلام، كزوجة، لن تكون لديك هذه المسؤولية، لذا سيكون لديكِ فسحة أكبر."
أكمَلْتُ قائلا:
"ألا تعتقدين أنه سيكون أكثر فائدة وأكثر أهمية بالنسبة لك تكريس مواهبك وطموحاتك وطاقتك لأطفالك وأسرتك؟ هناك الكثير من المشاكل *الفكرية* والقضايا التي تواجه الأسر. معظم الأسر الحديثة مختلة وظيفيا، والنظام التعليمي مهشم، كيفية تربية الأطفال بشكلٍ صحيحٍ في العصر الحديث عليها علامة استفهام ضخمة، والوحيدون الذين يزعمون أن لديهم إجابات هم علماء النفس الذين يعملون في ظل القيم العالمانية الليبرالية، نحن بحاجة إلى حلول إسلامية، لكن من يستطيع توفيرَها بينما أكثر النساء موهبةً مُلقَّنات للتفكير في أن إعطاء الأولوية للزواج والأمومة يساوي أن تكون عبدا فارغ اليدين، وأن الطريقة الوحيدة المحترمة لحياة المرأة هي أن تعيش كصاحبة مهنة مثابرة، متسلقةً سلم "النجاح" الدنيوي؟ كل تلك الموهبة والمجهود الذهني الذي كان يمكن أن يُستخدم للتفكير والتخطيط الإستيراتيجي في أفضل طريقة لتربية الأطفال وإنشاء أسر قوية يُهدَرُ لأجل راتب من شركة فورتشن 500 "
لذلك تحديتها..
"تريدين أن تحدثي فرقًا في العالم؟ تريدين استخدام موهبتك الفكرية؟ لماذا لا تستخدمينها لمنفعة الجيل القادم من المسلمين؟ لماذا لا تستخدمينها لحل مشاكل تربية الأطفال والتعليم التي تواجهها العديد من العائلات المسلمة، بدلا من مشاكل الشركات التي تحاول تعظيم أرباحها؟"
الحمد لله، قبِلَتِ التحدي. وقد عملَت بجِدٍّ في البيت، مُكرِّسَةً طاقتها وموهبتها لعائلتنا، وإدارة المنزل، وتوجيه وتنشئة أبنائنا، وأكثر من ذلك بكثير.
وقد بدأت مؤخرا في مشاركة نتائجها، وأبحاثها، وقاعدة معارفها مع جمهور أوسع عبر نشرها على الإنترنت، بحيث يمكن للأسر المسلمة الأخرى أن تستفيد.
أنا فخور فعلًا بما كانت قادرة على إنجازه حتى الآن -ما شاء الله-، ولكن ما أدهشني حقًا مؤخرا هي الدورات التي تُطَوِّرُها لصالح مؤسسة "ألسنا" (Alasna)
تُنتِجُ أم خالد سلسلة من الدورات حول التعليم المنزلي الإسلامي وتُطوِّرُ برنامجًا معتمدًا. الدورة الأولى متاحة الآن على الإنترنت. ما يُميِّز هذه الدورات هو أن أم خالد لا تأخذ فقط ما طوَّره المسيحيون ومن ثم تحاول "أسلمته". لا، بل تبدأ من المبادئ الأولى، من القرآن والسنة، وتُطوِّر نظريَّتها وممارستها في العمل المنزلي على هذا الأساس.
إنها تقدم نهجًا فريدًا حقًا ومدروسًا بعمق.
وأنا متحمس جدًا أن الآخرين يمكنهم الآن الاستفادة من تألقها. وثق بي، كان عملًا شاقًا، فهي تعمل مع أطفالنا الأربعة كل يوم، ساعات كثيرة يوميًا. ثم عندما كان لديها أي وقت إضافي عملت على الدورة، وأحيانا تعمل وقد نالت ساعات قليلة فقط من النوم.
والنتيجة هي الإنجاز الكبير، دورة عميقة عن التعليم المنزلي الإسلامي، تغطِّي النظرية والممارسة، وتُقدِّم أفضل أبحاثِ أكثر من 10 سنوات، للتأثير على مشكلة كبيرة تواجهها الأمة.
أدعو الله أن يجازيَ أم خالد على جهودها ونيتها، ويُيَسِّرَ للأمة أن تستفيد جدًّا من مساهماتها.
-هذه ترجمة عملنا عليها لمقال كتبه الكاتب الأميركي "دانيال حقيقتجو".
https://drive.google.com/file/d/1sMWfHRqSWFNZbdMBdaKqNd0rzNNA211L/view?usp=drivesdk