📝
كلمة لله..
لا يمكِن لمسلمٍ صحيح الإسلام أن يشك أو يرتاب أن مقام النبي صلى الله عليه وسلم محفوظٌ وَدُونَهُ المهج والأرواح..
وما بدر من أخينا "أبي خطاب الأردني" -غفر الله له- زَلَّةُ لسانٍ تستوجب منه مراجعة نفسه وضبط لسانه، ولا أقول توبَتَه؛ لأن ما وقع فيه لا يَلزمُ منه توبةٌ؛ اللهم إن كان توبتُه واستغفارُه من عَجَلَتِه..
فأخونا لم يقصد المعنى الذي بدر على لسانه تعجلًا وخطأً، والخطأ مرفوع عن أمة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وما قاله أخونا سَبْقُ لِسَانٍ منه، وليس بأشد مما قاله ذلك الأعرابي (اللهم أنت عبدي وأنا ربك) وقد أخطأ من شدة فرحه، بل إن هذا الحديث يرويه صلى الله عليه وسلم بهذا المثل الذي ذَكَرَه على لسان الأعرابي في مَعرِض الإخبار عن فرح الله؛ رغم شناعة قول الأعرابي؛ ومع ذلك ذَكَرَه صلى الله عليه وسلم، ولو كان مِثلُ هذا الخطأ يستوجب النكير الشديد الذي رأيناه في حق أبي خطاب؛ لما ذَكَرَه النبي صلى الله عليه وسلم متبسما، فهو ليس سوى خطأٍ وزلّةِ لسانٍ لم يقصدها صاحبها..
وَمَن اُسْتُتِيب في أقل من هذا القول أو كُفِّرَ فإنما لأنه قصد ما ذهب إليه من معنى فيه انتقاص لمقام النبي صلى الله عليه وسلم، أما من أخطأ وزل لسانه دون قصد منه في مثل هذا القول أو أشد منه فإنه داخل فيما أكرم الله به أمة نبيه صلى الله عليه وسلم بالتجاوز عما أخطأوا فيه غير عامدين أو قاصدين..
وأرجو أن لا يكون أخونا ضحيّةً لصراعِ الفرقاء، ويصبِحَ مجرّدَ فرصةٍ لتسجيل النقاط بين المختصمين دون مراعاةٍ لانتفاء قصده ودون اعتبارٍ لما يقع عليه من ظلم بسبب زلة لسان لا يَسلَم منها ذوو الألباب والعقول، لذا فليَتَّقِ الله من يطالبُ بِمِثْلِ عقوبةِ من قصد الطعن في مقام النبوة ليسقطها على المخطئ الذي زل لسانه دون قصد منه !
وليخشى مَن استغل هذه الحادثة لغايةٍ في نفسه ولم يكترث لاعتبار الحال وانتفاء القصد؛ أن تكون عقوبَتُه من جِنْس ما عَيَّرَ به أخاه دون اكتراث وتفصيل؛ ثم لا يجد ساعتها من ينصفه !
فكل ابن آدم خطاء..
لا يجب ولا ينبغي أن يكون "عقاب" أخينا أبي خطاب أكبر من استغفاره وندمه على سبق لسانه؛ ومسارعتِه لتسليم نفسه للقضاء الشرعي، وظني أن ما وقع منه ليس سوى خطأٍ وزلّةِ لسانٍ لا يَلزَم منها توبة فضلا عن عقوبة، والأمر بين يدي القضاء الشرعي الآن، والقضاة أعلم بحال أخينا الماثل بين أيديهم، وإني لأرجو أن لا يتأثر القضاة بموجة الغضب لمقام النبي صلى الله عليه وسلم التي لم تراعي حال أخينا وأن ما وقع منه زلة لسان، فإن تفهمنا هذا من العامة فإنه لا ينبغي للقضاة الشرعيين إغفال ذلك مراعاةً منهم للرأي العام على حساب أخينا وحَقِّه !
وأظنهم -بإذن الله- ليسوا كذلك..
ومن قارن بين قول أخينا وقول ذلك الأرعن السفيه الذي ارتقى المنبر ثم قال حالفا بالله (لو أن محمدا بيننا ما وسعه إلا اتباع الدولة!) يقصد بذلك تنظيمَه تنظيمَ الدولة؛ فهذا مقارنته بعيدة جدا !
فكيف نقارن بين مهاجر مجاهد زل لسانه في معرض ما اعتبره دفاعا عن الجهاد وأهله فسارع للندم وتسليم نفسه للقضاء الشرعي مع إنكار جماعته عليه؛ وبين أرعن سفيه ذَكَرَ ما ذَكَرَهُ مما يَظهَرُ منه تَحقِيرٌ لمقام النبوة دون أن نسمع منه بعدها ندما أو توبة أو نسمع أن جماعته أنكرت عليه أو أنكرت فعله أو عاقبته !
وَحَالُ تنظيم الدولة من فسادٍ عقَدِي ومنهجي وفكري لا يخفى على أحد..
شتان بين هذا وذاك، فأبو خطاب الأردني دارت بيني وبينه سابقا نقاشات وحوارات كثيرة، ورغم اختلافنا في الكثير من القضايا إلا أنني ما عهدت عليه إلا حبا للدين وخُلُقًا ولسانا طيبا معي ومع غيري، فكيف يجترأ على مقام نبيه صلى الله عليه وسلم عامدا !
ولعلمي بحال أخينا مسبقا؛ ولما وصل لعلمي أنه الآن ضائِقٌ صَدرُه في محبسه لما وقع فيه من زلة لسان ووقع عليه بسبب هذه الزلة؛ كَتَبتُ هذا الكلام دفاعا عنه من باب حفظ العهد؛ وأمانة التبيين والتوضيح...
اللهم اغفر لأبي خطاب وَهَوِّن عليه..
واغفر لمن غضب منه وهاجمه وَهَجَاه غَضْبَةً لوجهك ومقام نبيك صلى الله عليه وسلم..
@abomoaaz83