الشيخ أبو محمد العتيبي المقدسي dan repost
🎯 قصة وعبرة
أنقلها كما هي دون تعليق :
لما تولى الحَكم بن هشام بن عبدالرحمن الداخل الحُكم في الأندلس مالَ إلى أهلِ الفسق واقترفَ الكبائر والمنكرات .. !
فتحرّك الفقهاء وأرادوا الخروج عليه فحصل ما حصل للفقهاء من قتلٍ وتعذيب، وشاء الله لبعضهم النجاة فهرب منهم من هرب !
وكان أحد العلماء "المطلوبين"
لسيف السلطان الامام الفقيه
"طالوت بن عبدالجبار " تلميذ الإمام مالك ، وهو من( أكابر الفقهاء) وقد هرب من بطش (الحَكم )، واستخفى عند جارٍ له يهوديّ مدّةَ عامٍ كامل ، واليهودي في كل يوم يقوم بخدمته ويُكرمه أشد الكرم ، فلما مضى ( عام )
كامل طال على الامام "طالوت" الاختفاء ، فاستدعى اليهودي
وشكره على إحسانه إليه ، وقال له : ( قد عزمت غدًا على الخروج وسأذهب إلى الوزير (أبي البسام )
فقد قرأ عليّ القرآن وعلمته العلم ،
ولي عليه حق التعليم وحق العشره
وله جاهٌ عند ( الحَكم ) فعسى أن
يشفع لي عنده فيؤمّنني ويتركنى ).
فقال اليهودي :
( يا مولاي لا تفعل .. إنى أخاف عليك من بطش الحَكم بك ) وجعل اليهوديّ يحلف لهُ بكلِّ يمينٍ - ويقول له :(( لو جلست عندى بقية عمرك مامللت منك. )).
فأبى "طالوت" إلا الخروج ،
فخرج فى الخفاء ( بالليل ) حتى أتى دار الوزير فاستأذن عليه ، فأذِن الوزير له ، فلما دخل عليه رحّب به وأدنى مجلسه وسأله أين كان في هذه المدة فقص عليه قصته مع اليهودي .
ثم قال الامام "طالوت" للوزير أبى البسام : اشفع لي عند (الحَكم ) حتى يؤمنني - فوعده الوزير بذلك ، ثم خرج الوزير من فوره إلى الأمير " الحكم " ووكل بـ " طالوت " من يحرسه .
فلما دخل الوزير " أبو البسّام "
على الأمير ( الحَكم ) قال له لقد جئتك بهديه ( جئتك بطالوت رأس المنافقين ، قد ظفرت به ) فقال الحَكم : ( قم فعجّل لنا به )
فلم يلبث أن أُدخل الإمام "طالوت" على الأمير ، وكان الأمير يتوقد ويشتعل غيظًا منه - فلما رآه جعل يقول : (طالوت ؟؟! الحمد الله الذي أظفرني بك ، ويْحك والله لأقتلنك شر قِتله !!! كيف استبحت حرمتي؟؟ ) .
فقال له الامام "طالوت" :
(ما أجد لي في هذا الوقت مقالاً إلا أن أقول لك - والله ما أبغضتك إلا لله وحده حين وجدتك انحرفت عن الحق وما فعلت معك إلا ما أمرنى الله به ، فسكن غيظ ( الحَكم ) ثم قال : ( يا طالوت .. والله لقد أحضرتك وما في الدنيا عذاب إلا وقد أعددته لك .. وقد حيل بيني وبينك ، فأنا أُخبرك أن الذي أبغضتني له قد صرفني عنك ، اذهب قد عفوت عنك.
ثم سأله " الحَكم " يا إمام :
(كيف ظفر بك الوزير أبى البسام ؟ ) ،
فقال : ( أنا أظفرته بنفسي عن ثقة ، فأنا لي فضل عليه - فقد علمته القرآن والبيان ، واستأذنته أن يشفع لي عندك ، فكان منه ما رأيت )
فقال له : (فأين كنت قبل أن تذهب إليه ؟ )
فأخبره " طالوت " بخبر اليهودي.
فأطرق الأمير رأسه ، ثم نادى على وزيره " أبي البسام " وقال له :
( يالك من رجل سوء - قاتلك الله أيها المشئووم ." أكرمه يهودى من أعداء الملّة ، وسترَ عليه لمكانة العلم والدين ، وخاطرَ بنفسه من
أجله ، وغدرت به أنت ياصاحب الدين حين قصدك !!
أيها المشئوم ألا أديت له حق تعليمه لك ؟؟
ألم تعلم أنه من خيار أهلِ ملّتك ،
وأردتَ أن تزيدنا فيما نحن قائمون عليه من سوء الانتقام !!؟؟
أُخرج عني.. قبّحك الله ..
لا أرانا الله في القيامة وجهك هذا - إن رأينا لك وجها !! ولا أريد أن أراك بعد اليوم أيها المشئوم ثم طرده من الوزارة وضيّق أرزاقه ،
ثم مضت سنوات فرأى الناس هذا الوزير المنافق الكاذب - في فاقةٍ وذُلّ ، فقيل له مابك وما الذى أصابك ؟؟
قال: استُجيبت فيَّ دعوة الفقيه (طالوت ).
وكتب( الحَكم ) لليهودي كتابا بالجزية فيما ملك ، وزاد في إحسانه ، فلما رأى اليهودي ذلك ، أسلم .
وأما " طالوت " فلم يزل مبرورًا عند الأمير إلى أن توفي ، فحضر " الحَكم " جنازته وأثنى عليه بصدقه.وإخلاصه -وعلمه-
******
أوردَ هذه القصة الذهبي في السِّيَر ، بسيرة الحكم بن هشام
والقاضي عياض في ترتيب المدارك ، والمراكشي في المعجب ،
وابن سعيد في علماء المغرب .. وآخرون .
أنقلها كما هي دون تعليق :
لما تولى الحَكم بن هشام بن عبدالرحمن الداخل الحُكم في الأندلس مالَ إلى أهلِ الفسق واقترفَ الكبائر والمنكرات .. !
فتحرّك الفقهاء وأرادوا الخروج عليه فحصل ما حصل للفقهاء من قتلٍ وتعذيب، وشاء الله لبعضهم النجاة فهرب منهم من هرب !
وكان أحد العلماء "المطلوبين"
لسيف السلطان الامام الفقيه
"طالوت بن عبدالجبار " تلميذ الإمام مالك ، وهو من( أكابر الفقهاء) وقد هرب من بطش (الحَكم )، واستخفى عند جارٍ له يهوديّ مدّةَ عامٍ كامل ، واليهودي في كل يوم يقوم بخدمته ويُكرمه أشد الكرم ، فلما مضى ( عام )
كامل طال على الامام "طالوت" الاختفاء ، فاستدعى اليهودي
وشكره على إحسانه إليه ، وقال له : ( قد عزمت غدًا على الخروج وسأذهب إلى الوزير (أبي البسام )
فقد قرأ عليّ القرآن وعلمته العلم ،
ولي عليه حق التعليم وحق العشره
وله جاهٌ عند ( الحَكم ) فعسى أن
يشفع لي عنده فيؤمّنني ويتركنى ).
فقال اليهودي :
( يا مولاي لا تفعل .. إنى أخاف عليك من بطش الحَكم بك ) وجعل اليهوديّ يحلف لهُ بكلِّ يمينٍ - ويقول له :(( لو جلست عندى بقية عمرك مامللت منك. )).
فأبى "طالوت" إلا الخروج ،
فخرج فى الخفاء ( بالليل ) حتى أتى دار الوزير فاستأذن عليه ، فأذِن الوزير له ، فلما دخل عليه رحّب به وأدنى مجلسه وسأله أين كان في هذه المدة فقص عليه قصته مع اليهودي .
ثم قال الامام "طالوت" للوزير أبى البسام : اشفع لي عند (الحَكم ) حتى يؤمنني - فوعده الوزير بذلك ، ثم خرج الوزير من فوره إلى الأمير " الحكم " ووكل بـ " طالوت " من يحرسه .
فلما دخل الوزير " أبو البسّام "
على الأمير ( الحَكم ) قال له لقد جئتك بهديه ( جئتك بطالوت رأس المنافقين ، قد ظفرت به ) فقال الحَكم : ( قم فعجّل لنا به )
فلم يلبث أن أُدخل الإمام "طالوت" على الأمير ، وكان الأمير يتوقد ويشتعل غيظًا منه - فلما رآه جعل يقول : (طالوت ؟؟! الحمد الله الذي أظفرني بك ، ويْحك والله لأقتلنك شر قِتله !!! كيف استبحت حرمتي؟؟ ) .
فقال له الامام "طالوت" :
(ما أجد لي في هذا الوقت مقالاً إلا أن أقول لك - والله ما أبغضتك إلا لله وحده حين وجدتك انحرفت عن الحق وما فعلت معك إلا ما أمرنى الله به ، فسكن غيظ ( الحَكم ) ثم قال : ( يا طالوت .. والله لقد أحضرتك وما في الدنيا عذاب إلا وقد أعددته لك .. وقد حيل بيني وبينك ، فأنا أُخبرك أن الذي أبغضتني له قد صرفني عنك ، اذهب قد عفوت عنك.
ثم سأله " الحَكم " يا إمام :
(كيف ظفر بك الوزير أبى البسام ؟ ) ،
فقال : ( أنا أظفرته بنفسي عن ثقة ، فأنا لي فضل عليه - فقد علمته القرآن والبيان ، واستأذنته أن يشفع لي عندك ، فكان منه ما رأيت )
فقال له : (فأين كنت قبل أن تذهب إليه ؟ )
فأخبره " طالوت " بخبر اليهودي.
فأطرق الأمير رأسه ، ثم نادى على وزيره " أبي البسام " وقال له :
( يالك من رجل سوء - قاتلك الله أيها المشئووم ." أكرمه يهودى من أعداء الملّة ، وسترَ عليه لمكانة العلم والدين ، وخاطرَ بنفسه من
أجله ، وغدرت به أنت ياصاحب الدين حين قصدك !!
أيها المشئوم ألا أديت له حق تعليمه لك ؟؟
ألم تعلم أنه من خيار أهلِ ملّتك ،
وأردتَ أن تزيدنا فيما نحن قائمون عليه من سوء الانتقام !!؟؟
أُخرج عني.. قبّحك الله ..
لا أرانا الله في القيامة وجهك هذا - إن رأينا لك وجها !! ولا أريد أن أراك بعد اليوم أيها المشئوم ثم طرده من الوزارة وضيّق أرزاقه ،
ثم مضت سنوات فرأى الناس هذا الوزير المنافق الكاذب - في فاقةٍ وذُلّ ، فقيل له مابك وما الذى أصابك ؟؟
قال: استُجيبت فيَّ دعوة الفقيه (طالوت ).
وكتب( الحَكم ) لليهودي كتابا بالجزية فيما ملك ، وزاد في إحسانه ، فلما رأى اليهودي ذلك ، أسلم .
وأما " طالوت " فلم يزل مبرورًا عند الأمير إلى أن توفي ، فحضر " الحَكم " جنازته وأثنى عليه بصدقه.وإخلاصه -وعلمه-
******
أوردَ هذه القصة الذهبي في السِّيَر ، بسيرة الحكم بن هشام
والقاضي عياض في ترتيب المدارك ، والمراكشي في المعجب ،
وابن سعيد في علماء المغرب .. وآخرون .