إذ غاية ما فيه أن الإمام الأشعري تكلم بمضمون الآية والحديث، وليس في كلامه ما يفيد تفسير وإثبات هذه الكلمات على حقائقها اللغوية ((المعهودة في الخطاب الإنساني))، فكيف إذا كان الإمام في نفس المكان قد صرح بعبارات تدل بوضوح على مراده ..
تأمل معي ما سأنقله لك الان من كلامه في الإبانة الذي يقوله على الآيات والأحاديث التي يُذْكر فيها (الاستواء)، فإنه بعد أن أنكر على مَنْ فسر (الاستواء) بـ (الاستيلاء)، وقرر أن الاستواء متعلق بالعرش، ومما استدل به على ذلك حديث النزول، ثم قال: (نزولا يليق بذاته من غير حركة وانتقال).
وقال: (فدل على أنه تعالى منفرد بوحدانيته، مستو على عرشه استواء منزها عن الحلول والاتحاد).
فلو كان الاستواء بمعناه المعهود الحقيقي فكيف يكون بلا حلول، فإنَّ معنى (استوى على عرش الملك) إنْ فُـسِّرَت بمعناها الظاهر الحقيقي أي حَلَّ عليه.
لا يُـعْـتَـرَض على ذلك بأنَّ الاستواء بهذا المعنى إنما هو استواء المخلوق لا الخالق.
لأنَّا نقول إنَّ لفظ (الاستواء) هذا معناه الحقيقي في اللغة .. فمتى نَـفَـيْتَ هذا المعنى فقد نفيت المعنى ((الحقيقي)) ((الظاهر)) ((المتبادر إلى الْـمُـخَاطب)) فقد سلكت مسلك التأويل وإنْ رفضتَ أن تسميه تأويلاً.
وتأمل قول الإمام الأشعري في الإبانة أيضاً: (وأنه مستو على عرشه سبحانه، بلا كيف ولا استقرار) ..
فهل هذا الكلام يفيد المعنى الذي يقصدونه هم بـ (الاستواء) .. قطعاً لا .. كيف وهم يصرحون بأن معنى (استوى) أي: استقر وارتفع وعلا .. فالإمام الأشعري ينفي الاستقرار والمخالفون للأشاعرة يثبتونه، والإمام الأشعري ينفي الكيف، وهم يثبتونه وينفون العلم به.
وقال الإمام الأشعري: (وهذا يدل على أن الله تعالى على عرشه فوق السماء فوقية لا تزيده قربا من العرش).
فكيف يعتبر خصوم الأشاعرة أن كتاب الإبانة يفيد رجوع الإمام الأشعري إلى مذهبهم، وهو يصرح بأن (فوقيته) لا تزيده قرباً من العرش ولا بعداً عن الثرى، ((والفوقية)) بهذا المعنى ليست هي المعروفة في اللغة.
فنحن الأشاعرة نقبل كلامه هذا، ولا نفهم إلا أنَّه أراد إمرار الكلمات القرآنية والأحاديث النبوية كما وردت، تعظيماً لكلام الله، وقوفاً عند ألفاظه، وتفويضاً لمعانيها.
أما خصوم الأشاعرة فهذا عندهم غير مقبول، فإنهم يعتبرون أن الْـقُـرْبَ قُرْبٌ جسمي مسافي، ولذا فإنَّ مَـنْ في سفح الجبل أقرب إلى الله ممن هو في أسفله، وأنَّ السماء السابعة أقرب إلى الله من السماء السادسة وهكذا .. فالمسألة عندهم أبعاد ومسافات .. قال ابن القيم في زاد المعاد: (فخلق الله السماوات سبعا فاختار العليا منها فجعلها مستقر المقربين من ملائكته، واختصها بالقرب من كرسيه ومن عرشه، وأسكنها من شاء من خلقه، فلها مزية وفضل على سائر السماوات، ولو لم يكن إلا قُــــربـــهـا مــنـــه تبارك وتعالى).
فإذا السماء السابعة أفضل لأنها أقرب من الله
وأعود للإبانة، وأرجو أن تتأمل مع التدقيق والفهم، فقد قال الإمام وهو يتحدث عن (لما خلقت بيدي) : (وليس يخلو قوله تعالى: (لما خلقت بيدي) أن يكون معنى ذلك:
1- إثبات يدين نعمتين،
2- أو يكون معنى ذلك إثبات يدين جارحتين. تعالى الله عن ذلك،
3- أو يكون معنى ذلك إثبات يدين قدرتين،
4- أو يكون معنى ذلك إثبات يدين ليستا نعمتين ولا جارحتين ولا قدرتين لا توصفان إلا كما وصف الله تعالى، فلا يجوز أن يكون معنى ذلك نعمتين؛ لأنه لا يجوز عند أهل اللسان أن يقول القائل: عملت بيدي وهو نعمتي.
ولا يجوز عندنا ولا عند خصومنا أن نعني جارحتين، ولا يجوز عند خصومنا أن يعني قدرتين.
وإذا فسدت الأقسام الثلاثة صح القسم الرابع؛ وهو أن معنى قوله تعالى: (بيدي) إثبات يدين ليستا جارحتين، ولا قدرتين، ولا نعمتين لا يوصفان إلا بأن يقال: إنهما يدان ليستا كالأيدي، خارجتان عن سائر الوجوه الثلاثة التي سلفت).
هذا كلامه بنصه .. أعود لتوضيح هذا النص: (اليد) بمعنى (الجارحة) أي: الآلة والأداة التي يجترح (أي: يكتسب) بها الإنسان، فهي آلة الأخذ والعطاء والقبض والبسط، والدفع والرفع .. هذه هي اليد ((بمعناها الحقيقي)) .. ومتى سمع أي عربي لفظ (يد) بدون أن نضيفها إلى مخلوق أو خالق كان المعنى (السابق إلى ذهنه) و (المتبادر إلى فهمه) هو هذا المعنى (الحقيقي) (الظاهر)
وهذا ما صرح الإمام الأشعري بنفيه في الإبانة ..
وخصوم الأشاعرة الذين يقولون إن الإمام الأشعري قد رجع إلى مذهبهم .. يرفضون غاية الرفض أن يكون المعنى (الحقيقي) منفياً ..
والأشاعرة يقبلون ذلك مِنْ إمامهم وبه يعتقدون ويدينون.
والمعنى الذي صححه الإمام الأشعري هو المعنى الرابع، فما هو المعنى الرابع بعد أنْ رفضَ الإمام تفسير اللفظ:
بمعناه (الحقيقي: الذي هو الجارحة)
ورفض تفسيره بمعناه (المجازي: الذي هو القدرة والنعمة) ..
تأمل معي ما سأنقله لك الان من كلامه في الإبانة الذي يقوله على الآيات والأحاديث التي يُذْكر فيها (الاستواء)، فإنه بعد أن أنكر على مَنْ فسر (الاستواء) بـ (الاستيلاء)، وقرر أن الاستواء متعلق بالعرش، ومما استدل به على ذلك حديث النزول، ثم قال: (نزولا يليق بذاته من غير حركة وانتقال).
وقال: (فدل على أنه تعالى منفرد بوحدانيته، مستو على عرشه استواء منزها عن الحلول والاتحاد).
فلو كان الاستواء بمعناه المعهود الحقيقي فكيف يكون بلا حلول، فإنَّ معنى (استوى على عرش الملك) إنْ فُـسِّرَت بمعناها الظاهر الحقيقي أي حَلَّ عليه.
لا يُـعْـتَـرَض على ذلك بأنَّ الاستواء بهذا المعنى إنما هو استواء المخلوق لا الخالق.
لأنَّا نقول إنَّ لفظ (الاستواء) هذا معناه الحقيقي في اللغة .. فمتى نَـفَـيْتَ هذا المعنى فقد نفيت المعنى ((الحقيقي)) ((الظاهر)) ((المتبادر إلى الْـمُـخَاطب)) فقد سلكت مسلك التأويل وإنْ رفضتَ أن تسميه تأويلاً.
وتأمل قول الإمام الأشعري في الإبانة أيضاً: (وأنه مستو على عرشه سبحانه، بلا كيف ولا استقرار) ..
فهل هذا الكلام يفيد المعنى الذي يقصدونه هم بـ (الاستواء) .. قطعاً لا .. كيف وهم يصرحون بأن معنى (استوى) أي: استقر وارتفع وعلا .. فالإمام الأشعري ينفي الاستقرار والمخالفون للأشاعرة يثبتونه، والإمام الأشعري ينفي الكيف، وهم يثبتونه وينفون العلم به.
وقال الإمام الأشعري: (وهذا يدل على أن الله تعالى على عرشه فوق السماء فوقية لا تزيده قربا من العرش).
فكيف يعتبر خصوم الأشاعرة أن كتاب الإبانة يفيد رجوع الإمام الأشعري إلى مذهبهم، وهو يصرح بأن (فوقيته) لا تزيده قرباً من العرش ولا بعداً عن الثرى، ((والفوقية)) بهذا المعنى ليست هي المعروفة في اللغة.
فنحن الأشاعرة نقبل كلامه هذا، ولا نفهم إلا أنَّه أراد إمرار الكلمات القرآنية والأحاديث النبوية كما وردت، تعظيماً لكلام الله، وقوفاً عند ألفاظه، وتفويضاً لمعانيها.
أما خصوم الأشاعرة فهذا عندهم غير مقبول، فإنهم يعتبرون أن الْـقُـرْبَ قُرْبٌ جسمي مسافي، ولذا فإنَّ مَـنْ في سفح الجبل أقرب إلى الله ممن هو في أسفله، وأنَّ السماء السابعة أقرب إلى الله من السماء السادسة وهكذا .. فالمسألة عندهم أبعاد ومسافات .. قال ابن القيم في زاد المعاد: (فخلق الله السماوات سبعا فاختار العليا منها فجعلها مستقر المقربين من ملائكته، واختصها بالقرب من كرسيه ومن عرشه، وأسكنها من شاء من خلقه، فلها مزية وفضل على سائر السماوات، ولو لم يكن إلا قُــــربـــهـا مــنـــه تبارك وتعالى).
فإذا السماء السابعة أفضل لأنها أقرب من الله
وأعود للإبانة، وأرجو أن تتأمل مع التدقيق والفهم، فقد قال الإمام وهو يتحدث عن (لما خلقت بيدي) : (وليس يخلو قوله تعالى: (لما خلقت بيدي) أن يكون معنى ذلك:
1- إثبات يدين نعمتين،
2- أو يكون معنى ذلك إثبات يدين جارحتين. تعالى الله عن ذلك،
3- أو يكون معنى ذلك إثبات يدين قدرتين،
4- أو يكون معنى ذلك إثبات يدين ليستا نعمتين ولا جارحتين ولا قدرتين لا توصفان إلا كما وصف الله تعالى، فلا يجوز أن يكون معنى ذلك نعمتين؛ لأنه لا يجوز عند أهل اللسان أن يقول القائل: عملت بيدي وهو نعمتي.
ولا يجوز عندنا ولا عند خصومنا أن نعني جارحتين، ولا يجوز عند خصومنا أن يعني قدرتين.
وإذا فسدت الأقسام الثلاثة صح القسم الرابع؛ وهو أن معنى قوله تعالى: (بيدي) إثبات يدين ليستا جارحتين، ولا قدرتين، ولا نعمتين لا يوصفان إلا بأن يقال: إنهما يدان ليستا كالأيدي، خارجتان عن سائر الوجوه الثلاثة التي سلفت).
هذا كلامه بنصه .. أعود لتوضيح هذا النص: (اليد) بمعنى (الجارحة) أي: الآلة والأداة التي يجترح (أي: يكتسب) بها الإنسان، فهي آلة الأخذ والعطاء والقبض والبسط، والدفع والرفع .. هذه هي اليد ((بمعناها الحقيقي)) .. ومتى سمع أي عربي لفظ (يد) بدون أن نضيفها إلى مخلوق أو خالق كان المعنى (السابق إلى ذهنه) و (المتبادر إلى فهمه) هو هذا المعنى (الحقيقي) (الظاهر)
وهذا ما صرح الإمام الأشعري بنفيه في الإبانة ..
وخصوم الأشاعرة الذين يقولون إن الإمام الأشعري قد رجع إلى مذهبهم .. يرفضون غاية الرفض أن يكون المعنى (الحقيقي) منفياً ..
والأشاعرة يقبلون ذلك مِنْ إمامهم وبه يعتقدون ويدينون.
والمعنى الذي صححه الإمام الأشعري هو المعنى الرابع، فما هو المعنى الرابع بعد أنْ رفضَ الإمام تفسير اللفظ:
بمعناه (الحقيقي: الذي هو الجارحة)
ورفض تفسيره بمعناه (المجازي: الذي هو القدرة والنعمة) ..