مرحبًا!
تَصلُكَ رِسالتي هذه على جَناح زاجل.
عجبتُ.. كَيف لحمامةٍ محبوسةٍ مثلي، أن تكاتِبكَ من خِلال حمام حرّ مثله؟
تَسلّم هذا الزاجلُ رسَائلي بَدمعة، فخبرتُ أمرها، لم يكن يشفق عليّ، كان يخالُ نفسه مكاني، مربّط الأجنحة، فبكى نفسَه مِن حالي.
لو أنّني الآن حُرّة، لكنتُ رسالتك، فأبعثني مَع خفقِ أجنحتي، ومَا كان لي من أمرِ القفصِ إلا ذكرَى بائسة أبتهل سحرًا لنسيانها، وتهوّن أمرها ساعة التحفُ بها أجنحتَك، وأرى بها السلوّ.
كلّما نظرت لنفسي، أتسائل: مَا قيمةُ الأجنحة ولا سمَاء أطيرُ لها؟
وكأني بالقَائل:
"طير بكثُر ما مسجُون.. حسباله الجنح مرسُوم" كَان ينظرُ إلى هذه النّفس وهي تجهلُ المعنى مِن وجودِ جناح مغفول عنه.
ومَا ذنبُ العصافير ليحتكرِها الصّياد في قفص؟!
أوّل جريمة ارتكبتُها، هي حبسُ عصفور السّماء، أقنعتُه أن يعيشَ مَعي، فمَات.
ارتكبتُ الجريمة مرةً ثانية، فرشتُ له النواعمَ، وأطعمته الحَبَّ وغذّيته مِن قلب محبّ، ومَات!
حتّى وُضعت مكانه، ونمت بي الأجنحة، وحين رفعت رأسِي للسّماء، تركُوني فِي قفص.. لمْ أمت، مَاتت بعينِي سمَائي.
وقتها قرأتُ رسالة العصفور الصّامتة.. :
تطعمني الحرّية، وأفترش السّماء.. وقبري دونهما.
قد تقودُنا مَشاعرُنا إلى مسارات خاطئة، ونرتكبُ بحسنِ النّية جريمةً فادحة،
من قَال للبشرِ أنّ من أنواعِ الطيور، نوعٌ للزينة يتموضع فِي الدّار، كتحفةٍ فنّية تتلقّفها الأعين بالإعجاب؟!
خُلقت العّصافير للسّماء، للسّماء فقط..
فكانَت زينتها!
ومَن قال أنّها بحاجةٍ لنا فنربّيها، وهمُ بنوها ؟!
آه، يا لجرحِ العصفور الذِي يتّم وأمّه على بعدِ نظرةٍ وخفق جناح، ويحرمه سجّان بداع الحبّ.
الحبّ يخلق أجنحة، إلا حبّ الإنسان للطير، يخلقُ قفصًا!
يومَ أحببتُك، ظللتُ أبحث عن أجنحتي، وجدتها عالقة تحاولُ الرفرفة.. سخرتُ مِن الحبّ، ومن نفسي؛
كانت معِي أجنحة، ولم تكن هناك سمَاء.
يكون البحر هادئًا، حتّى تمخره السّفن فيصبحُ كأنما قلب محب قد اهتاج واضطرب غيرةً على محبوبِه، فهو في حالةِ الغضبِ لَا يعقل مِن السُّكنةِ شيئًا..
وهكذا عندما تحبّ، توجد الصعوبات اضطرارية.. كأنّها تحاول ثنيك، أو تتعمّد قتلَك.. وقد قَتلتني بِك.
يا للحبّ، كَيف يحملُ فِي نفسه الضدين،
حرّية وقيد، سمَاء، وأرض، ونحن نتأرجحُ بينهمَا، كأننا قطعتَي شطرنجٍ يلعبان بهما الزّمن والمكَان.
عَلى أنّي آملة أن ترقّ يد سجّاني، وتتهاوى هذِه الأصفاد، فأطير إليك، بكلّي.. يا منفذ الهاربُ، وملاذ الطّريد.
-
المُرسلة: At
المُرسَل إليه: سيّد الربِيع!
العنوان: على جنَاح زاجل.
تَصلُكَ رِسالتي هذه على جَناح زاجل.
عجبتُ.. كَيف لحمامةٍ محبوسةٍ مثلي، أن تكاتِبكَ من خِلال حمام حرّ مثله؟
تَسلّم هذا الزاجلُ رسَائلي بَدمعة، فخبرتُ أمرها، لم يكن يشفق عليّ، كان يخالُ نفسه مكاني، مربّط الأجنحة، فبكى نفسَه مِن حالي.
لو أنّني الآن حُرّة، لكنتُ رسالتك، فأبعثني مَع خفقِ أجنحتي، ومَا كان لي من أمرِ القفصِ إلا ذكرَى بائسة أبتهل سحرًا لنسيانها، وتهوّن أمرها ساعة التحفُ بها أجنحتَك، وأرى بها السلوّ.
كلّما نظرت لنفسي، أتسائل: مَا قيمةُ الأجنحة ولا سمَاء أطيرُ لها؟
وكأني بالقَائل:
"طير بكثُر ما مسجُون.. حسباله الجنح مرسُوم" كَان ينظرُ إلى هذه النّفس وهي تجهلُ المعنى مِن وجودِ جناح مغفول عنه.
ومَا ذنبُ العصافير ليحتكرِها الصّياد في قفص؟!
أوّل جريمة ارتكبتُها، هي حبسُ عصفور السّماء، أقنعتُه أن يعيشَ مَعي، فمَات.
ارتكبتُ الجريمة مرةً ثانية، فرشتُ له النواعمَ، وأطعمته الحَبَّ وغذّيته مِن قلب محبّ، ومَات!
حتّى وُضعت مكانه، ونمت بي الأجنحة، وحين رفعت رأسِي للسّماء، تركُوني فِي قفص.. لمْ أمت، مَاتت بعينِي سمَائي.
وقتها قرأتُ رسالة العصفور الصّامتة.. :
تطعمني الحرّية، وأفترش السّماء.. وقبري دونهما.
قد تقودُنا مَشاعرُنا إلى مسارات خاطئة، ونرتكبُ بحسنِ النّية جريمةً فادحة،
من قَال للبشرِ أنّ من أنواعِ الطيور، نوعٌ للزينة يتموضع فِي الدّار، كتحفةٍ فنّية تتلقّفها الأعين بالإعجاب؟!
خُلقت العّصافير للسّماء، للسّماء فقط..
فكانَت زينتها!
ومَن قال أنّها بحاجةٍ لنا فنربّيها، وهمُ بنوها ؟!
آه، يا لجرحِ العصفور الذِي يتّم وأمّه على بعدِ نظرةٍ وخفق جناح، ويحرمه سجّان بداع الحبّ.
الحبّ يخلق أجنحة، إلا حبّ الإنسان للطير، يخلقُ قفصًا!
يومَ أحببتُك، ظللتُ أبحث عن أجنحتي، وجدتها عالقة تحاولُ الرفرفة.. سخرتُ مِن الحبّ، ومن نفسي؛
كانت معِي أجنحة، ولم تكن هناك سمَاء.
يكون البحر هادئًا، حتّى تمخره السّفن فيصبحُ كأنما قلب محب قد اهتاج واضطرب غيرةً على محبوبِه، فهو في حالةِ الغضبِ لَا يعقل مِن السُّكنةِ شيئًا..
وهكذا عندما تحبّ، توجد الصعوبات اضطرارية.. كأنّها تحاول ثنيك، أو تتعمّد قتلَك.. وقد قَتلتني بِك.
يا للحبّ، كَيف يحملُ فِي نفسه الضدين،
حرّية وقيد، سمَاء، وأرض، ونحن نتأرجحُ بينهمَا، كأننا قطعتَي شطرنجٍ يلعبان بهما الزّمن والمكَان.
عَلى أنّي آملة أن ترقّ يد سجّاني، وتتهاوى هذِه الأصفاد، فأطير إليك، بكلّي.. يا منفذ الهاربُ، وملاذ الطّريد.
-
المُرسلة: At
المُرسَل إليه: سيّد الربِيع!
العنوان: على جنَاح زاجل.