بَريد-At


Kanal geosi va tili: ko‘rsatilmagan, ko‘rsatilmagan
Toifa: ko‘rsatilmagan


للكلماتِ بريدٌ يعرفُ أيَّ قلبٍ مَسعاه.

Связанные каналы  |  Похожие каналы

Kanal geosi va tili
ko‘rsatilmagan, ko‘rsatilmagan
Toifa
ko‘rsatilmagan
Statistika
Postlar filtri


الكَلمات مُعتقلة داخل صُدورنا، نكتوي بالآهات، بأنفاسنا المكلومة، ولا نكاد نَسمع غير صوت القهر، وهتاف قلوبنا: اللهمّ أحبّتنا.

عَاجزون يا اللّه، ووحدُك القَادر، خائفون وجلُون، ومنك أمانُنا!


مُذ سمعتُ أمرَ الزلزال، وأنا أحسّ الهزّات فِي صدري، تقضِي علي بالخوفِ، وقلب يصيح بالخفقِ: ربّ إنها مَيس فتلطّف ولا تؤذنِي بها، وبين الغمضةِ والغمضة دعوات لا تتوقّف.

اللهمّ أحبتي، تلطّف بِهم، فأنت أعلَم بالحَال منّا !


أحبّ النّظر في خواتيمِ الرّسائل، واستقرَاء آخر المَشهدِ، كأنّ العواطف يَنسكبُ جميعها دفعةً واحدة، والكَلام الذِي يظلَ عالقًا منغلقًا عن نفسه كلما طُرق له، تجده في لفظةٍ، أو معنى مبهم، أو نقطةٍ في سطر أخير، سبقتها آهةٌ موجُوعة.


وجدتُ أسفلَ الرّسالة صرخةً عاجزة:
"سحقًا! كيفا صرختُ، فأنتَ أصم لا تَسمع!"


أسكتَّ صوت جراحاتي..
ودون صدى
دمي الذي سالَ حبًّا كَان نمامَا !


أنا أخشَى الكلمات،
تحملني على بساطِ الخوفِ وتلقِي بي فِي غاباتِ القلق، ولا طمأنينة تتلقفني بعنايتها !
أنسجُ مَنسوجَ الأمان، على خُيوط واهية، فلا تدثّر هذا القلب الوجِل.


هذا الصمتُ المخيف، يهزّ ذاكرتي
فتُساقط صورًا ومَشاهدًا، وشريط رعب عنوَانه: الرّحيل.


مرحبًا!
تَصلُكَ رِسالتي هذه على جَناح زاجل.
عجبتُ.. كَيف لحمامةٍ محبوسةٍ مثلي، أن تكاتِبكَ من خِلال حمام حرّ مثله؟
تَسلّم هذا الزاجلُ رسَائلي بَدمعة، فخبرتُ أمرها، لم يكن يشفق عليّ، كان يخالُ نفسه مكاني، مربّط الأجنحة، فبكى نفسَه مِن حالي.
لو أنّني الآن حُرّة، لكنتُ رسالتك، فأبعثني مَع خفقِ أجنحتي، ومَا كان لي من أمرِ القفصِ إلا ذكرَى بائسة أبتهل سحرًا لنسيانها، وتهوّن أمرها ساعة التحفُ بها أجنحتَك، وأرى بها السلوّ.
كلّما نظرت لنفسي، أتسائل: مَا قيمةُ الأجنحة ولا سمَاء أطيرُ لها؟
وكأني بالقَائل:
"طير بكثُر ما مسجُون.. حسباله الجنح مرسُوم" كَان ينظرُ إلى هذه النّفس وهي تجهلُ المعنى مِن وجودِ جناح مغفول عنه.
ومَا ذنبُ العصافير ليحتكرِها الصّياد في قفص؟!
أوّل جريمة ارتكبتُها، هي حبسُ عصفور السّماء، أقنعتُه أن يعيشَ مَعي، فمَات.
ارتكبتُ الجريمة مرةً ثانية، فرشتُ له النواعمَ، وأطعمته الحَبَّ وغذّيته مِن قلب محبّ، ومَات!
حتّى وُضعت مكانه، ونمت بي الأجنحة، وحين رفعت رأسِي للسّماء، تركُوني فِي قفص.. لمْ أمت، مَاتت بعينِي سمَائي.
وقتها قرأتُ رسالة العصفور الصّامتة.. :
تطعمني الحرّية، وأفترش السّماء.. وقبري دونهما.
قد تقودُنا مَشاعرُنا إلى مسارات خاطئة، ونرتكبُ بحسنِ النّية جريمةً فادحة،
من قَال للبشرِ أنّ من أنواعِ الطيور، نوعٌ للزينة يتموضع فِي الدّار، كتحفةٍ فنّية تتلقّفها الأعين بالإعجاب؟!
خُلقت العّصافير للسّماء، للسّماء فقط..
فكانَت زينتها!
ومَن قال أنّها بحاجةٍ لنا فنربّيها، وهمُ بنوها ؟!
آه، يا لجرحِ العصفور الذِي يتّم وأمّه على بعدِ نظرةٍ وخفق جناح، ويحرمه سجّان بداع الحبّ.
الحبّ يخلق أجنحة، إلا حبّ الإنسان للطير، يخلقُ قفصًا!
يومَ أحببتُك، ظللتُ أبحث عن أجنحتي، وجدتها عالقة تحاولُ الرفرفة.. سخرتُ مِن الحبّ، ومن نفسي؛
كانت معِي أجنحة، ولم تكن هناك سمَاء.
يكون البحر هادئًا، حتّى تمخره السّفن فيصبحُ كأنما قلب محب قد اهتاج واضطرب غيرةً على محبوبِه، فهو في حالةِ الغضبِ لَا يعقل مِن السُّكنةِ شيئًا..
وهكذا عندما تحبّ، توجد الصعوبات اضطرارية.. كأنّها تحاول ثنيك، أو تتعمّد قتلَك.. وقد قَتلتني بِك.
يا للحبّ، كَيف يحملُ فِي نفسه الضدين،
حرّية وقيد، سمَاء، وأرض، ونحن نتأرجحُ بينهمَا، كأننا قطعتَي شطرنجٍ يلعبان بهما الزّمن والمكَان.
عَلى أنّي آملة أن ترقّ يد سجّاني، وتتهاوى هذِه الأصفاد، فأطير إليك، بكلّي.. يا منفذ الهاربُ، وملاذ الطّريد.
-
المُرسلة: At
المُرسَل إليه: سيّد الربِيع!
العنوان: على جنَاح زاجل.




-
فحسبكِ.. أقول للنفسِ، ولو أنّها استرسلت لخلصت وأفضت إلى دواوين تُملى عليّ مِن محابرِ قلبِي، ولولا الزّهق والإملال أن يصيبَ القوم، لخلقت المعاني منكِ دهشة بعد دَهشة، ولأطلت واستطلت زمنًا لا أقصر فيه، لكأنّك إذ تكوني لي ياسمينة كلّما باح لها عطر قلتُ فيها بيتًا وقطعتُ لها مقطوعة من الوتين فكأنّها النور ينبلج على صباحكِ هذا، ولكن خشية أن تتناهى الأصوات وترجع إليكِ جملتكِ المعروفةِ عنك: حلّوا عنّا. فأين أذهب حينئذ بكَلامي المعتّق بك؟
ختَامًا:
لا يكون كلامًا بعد هذا البيَان المنزل عليّ كأنّه السّحر.


مَيْس هادي dan repost
-
الله الله!
لكأنّكِ بهذه الرّسالة قد أخذتِ الأقلام فأجريتِها في صفحتكِ وجعلتِها تكتُب فهي تأخُذ من قلبكِ كما يُمليه عليها، وتضع من معانيه التي يُريدها فما يُعجزها شيء، وقد جئتِ بالعجب فما هذا سِحر ولا فنّ، ولا هذه قدرة قلم.. فوا قلباه من عطايا تتجلّى واضحة في هذا القول!
وآهٍ آثار! آه! فأنا أقرؤها وأقرؤها وأشعر من سموّ بيانها كأنّها جاوزتْني فأنا ألحقها ولا أُدرك، وقد كنتُ فيها كالأميرة جاءت تميس وتُوضَع عليها الحُليّ من أوصافك؛ فيا غناكِ إذا أغدو منها ملكة.. هل تكوني أنتِ فيما قدّمتِ غير المُلكِ نفسه فأنا لستُ إلا أعبر منه؟
وتقولي ما تركتُ لكِ؟ أولا تري أن ما في يدي من ألفاظ هو ممّا تبعثيه في رسائلك، وأن ما أكتبه ليس إلا مما تُعطيني إياه، وأنني أضع من زبرجدك وعسجدك ولؤلؤك، ولكن بتراكيب رُوحي؟
ما أعظم أوصافكِ وأروعها يا آثار، وما أُحِبّ منكِ وصفاً مثل الدّهشة تُصيبين به هذه المُهجة التّعبة، وإني لأتأمّله في كُلّ مرّة فأراه يرفّ ويومض فهو لا يكفّ اجتذابه عن قلبي!
وأودُّ لو أُكمِل ولكنّي أستسلم يا فنّ النّاي، ويا رحمة الله لنفسي.. ما أحسبُها تحتملُ قوّة حرفِك وقد أصابتْني فأقعدتْني، وما أراها تقومُ من تعجُّبِها المُعذِّب فتردّ عليكِ أو تصف حالها، وإنّي من سِحر الفضاء إلى عُمق البحر.. إذا أمسكتُ من هُنا أفلتُّ من هناك، فللّهِ درّك!


-
ما تركتِ لي مِن كلام بعد هذا البَيان المنزَلُ على قلبي كأنّه السّحر أتى على بلقعٍ فبرمشةٍ تفجر من عطشِها ينبُوع فهي تخضرّ وتزهر وما رَيّها إِلّا رسالة نفثتِ فيها سحر قلبكِ فتندّت.
وإني بها ولأمرها لَذهولة مِن فيلسوفة تصغِي إلى أعمق صدى ينبعثُ مِن صوتي فتخرجُ مِن غوصِها معاني كاللؤلؤ كانت فيه صدفًا، فجلتها بفكرِها فاستحَال بريقًا يذهبُ فيه النّور إلى نفسي فيستقرّ!
وأنا إن كنتُ قبلكِ أرى الظّلام منهاجًا، فبعدكِ صار النّور مِن أمر روحِي إذ استضاءت بمشكاة أنت زيتها !
وآه على قلبِي، كيف يتلقّى منكِ كلّ هذا ولا يجنُّ وكيف يجرعُ هذه الثمالة ولّا يذهل عن لبّه؟
كأنّي الآن على بساطٍ عسجدي متلألئ أتهادى فِي سماء معانيك وأذرع هذا الرّحب وأدخل به إلى جنّتكِ فأجتني لفكرِي ثمرات أدبك وفنّك، ولقلبِي قناديل وهجك وشعورًا تفرّدت به رُوحك فكَان: الدّهشة!
وأكثر ما أخذ النّفس بالعجبِ واستروحت بهذا المخرج الذِي فُتح لها ونفذت بهِ مسرورة مستبشرة: أن كَسوتِ هذا "البلى" ثوب البهاء وكسوتني هذا الرّضا على مزقِي وخِرقي، ورأيتني أرفل بكساء الملوكِ بل هو أجلّ وأزهى، فثيابهم تبلى وتفنى وتضيف عليهم فوق معاني التّرف الفاسد معنى الزّيف، وأما المعنى الذِي في قلبي وظاهر نفسي، ومجرى دمي وحبري: فرفراف ينفذ ولَا ينفد، وإن لم يكن له غير مرآة واحدة وهي أنتِ وما تحمله نفسك من رسائل تعبق بنسيم الصدقِ لكفاه.
يا سنَاي كأنّي ما وجدتُ في هذه الحروف إلّا ومضات تبرق في جوّ قلبي، فهو يهيم بِها ومَا تطلعه مِن فنون كأنّها الزّبرجد، فأُسرت فما استطعت بعد مُغادرة هذا المربع الآسر وكأني بنفسي تطوف على كعبة للحسنِ وتأبى أن ترجع لمستقرّها، وإني أرى عقلي قد شطّ وشطح ومَا عاد يبصر من أمره شيئا، فهل تراه يرشف راحًا ولا يُغيّب؟
يا جُعلتُ فداكِ ورسائلك من تعيد بقلبي زمنًا كانت المَسافة فيه تُقطع برسالة !


مَيْس هادي dan repost
-
يا لهذا المعنى جاء مع الكلام ليكون غيره، وأُلقي في الرِّسالةِ ليكون منها ولكنّه في شعوره كأنّما وُضِعَ بين قوسين فهو خارج عنها كما خرج الزّمن من حساب هذه الخفقات في هذه الحروف، وإني لأنظر فيه فما أشعر إلا كأنّ الحياة قد دبّت بتلك المهجة فهي تهتزّ وتربو، ثُمّ تنمو فتضع في الأنا أكثر مما تضع حولها، وتحفظ الزّمن في نفسها بعد أن كان يمرّ عليها ولا يقف؛ كأنّ العُمر يحيا فيها فهي كلمة تبقى ولا تزول!
ومنه يا آثار.. هل تكونُ السّاعة التي كتبتِ بها ساعةً في هذا الزّمن الطّويل تقولُ إن دقائقي نبضات، وإنّ نبضاتي حروف، وإنّ هذه السّاعة رِسالة وإنّها أنا وإنّها لِمَيْس؟
بلى وما أعظمها!
وأمّا قلبي.. فحنانَيْكَ يا ربّ!
وآهٍ يا آثار، فلو كانت الدّنيا شطر في نعيمٍ بشطرٍ في شقاء.. لكان قلبي ممّا ذاق لا يخرج من حدوده ولا يحمل غير الهمّ، ولكنّها الألطاف يا فنّ النّاي، وكما يحمل النّسيم عبق المكان وجوّه ويطوّف به.. فإنّ نعيمي يأتي من اللغة وأهلها ويأتي منكِ، فكأنّ رَوح قلبي في الورق وكأنّني أحيا راغدة حينما أكتب يا آثار!
وبهذا فهل تكوني على رُوحي إلا كالنّسمة والغيمة وكالضّوء يأتي بارقاً فيهِ المباهجُ والأفراح.. وآمالُ نفسي؟
فديتُكِ، فما تُبليكِ الدّنيا إلا لتُجدّد فيكِ معانيَ أبهى، وتُخرِج من باطنك على ظاهرك، وتضيف من نفسكِ على الآخرين ومن دمائكِ على هذه المحابر، وإن تدعكِ فأين يُغمَس ذاك القلم؟
ولو تدري إذ مضى يوم أمس فحمدتُ الله في آخره أن مرَّ وانقضى، واليوم يمضي على سابقه، وأقول الحمد لله، ولكن ألا تري أن في الحمد شُكر مع الرّضا، وأن رسائلكِ شفاء ودواء تحكي مشاعري أو تُتمّها؟
آه! للهِ أنتِ!


-
كأنّي بالزّمن -إذ أطلتُ الوقوفَ على رِسالتكِ- توَقّفَ لحظتها، فما تحرّك إلا مِن خفقِ قلبِي، وتصافق أجنحتي وهي تريد الرّفرفة إليك!
وآه يا مَيس، ما تفعل كلماتُك بقلبِي وتحملنِي على بِساط الرّاحة فكأني مَا أحسستُ عمري تعبًا، وتعجبين مِن أمر هذا الحبّ كيف يخلقُ مِن ضعفه قوّة وأرى مِن قلبك العجب كلّه، إذ كيف لمضغة أن تحمل بَين ضلوعها كلّ هذا الثقل ولّا تفلِت، وكيف بقلبِك يحمل قلبًا صلبًا مثل قلبِي، ولا يتكسّر عن ضلوعه؟!
وإن كان فؤادي ألمَاسة، فكيف بكِ إذ كنتِ لألَأة هذا الحجر، ودونكِ صخرة لا ضوء ولا نجُوم !
وتغضبين من تشبيهي "بالخرقةِ" ومَا عساي أقول، إذا أنا في نظرِ الحَياة خرقة بالية تمسحُ عليها مَصائبها، وتلقينِي في زوايا خربة، وتدعو لي بالهلاك، يا مَيس؟ ولأنّ المقام مقام حبّ وموَدة أشيلُ عنْ نفسي هذا النّعت البالي، ولعينيكِ أفعل.
وما أحببتها مِن غيركِ، وأسمعها الآن مِن صوتكِ يحملها إلى روحِي، فيقيم بها زمنًا يتكرّر صداها وأهدأ وأسكن، وتكون معي أجنحتك التِي أخبرتِ عنها على صورةِ هذه الكلمة "يا روحِي" فأطوف في رحابها وألتمس معانِيها المنبعثة مِنكِ، وأتمّ بها معانِي قلبي أنسًا وانشراحًا!
وتسألين: "فهل زال البأس؟"
وأي بأس؟ وأنت بقلبِي، أضيء من نورك، وأغرّد إذ جُعلت فنّك ونَايك !


مَيْس هادي dan repost
-
آهٍ آثار! قرأتُ رسالتكِ هذه قراءةً قلبيّةً أحسستُ معها كأنّي أقرأ كلاماً بين السّطور لم يكُن من آثار القلم، ولكن يجيء من الأنين فيُترجمه قلبي إلى كلام بليغٍ يثقل في النّفس إذ هُو من عمل الرُّوح، وقد قرأتُ اسمي في المطلع.. فما شعرتُ إذ تُناديني على ما سبق إلا كأنّكِ تأخذيني من نفسي فأُقبل عليكِ متجرّدة لا تعمل يداي لهذا القلم إلا كما تعمل اليدان في الضّمة الشّافية، فهل تُحسّي بحناني يتساكب مع الحبر وأحتوي رسالتكِ بأحزانها، كما يكون لعينيّ إذا ضمّت نفسك؟
وآهٍ آثار! فقد رأيتُ الشّعور الذي هُو منّي يرجع صاخباً من قلبك، وفهمتُ كيف للاحتياج إذا أفرغَ صدراً من ضلوعهِ وتهدّم ضعفاً وحاجة.. أن يُحيطَهُ بأُخرى من النّور تُمسِكُ قلبهُ فإذا هو قائمٌ بقوّة صاحبهِ وشعاع كلماته!
ولعلّ هذا سرّ الحُب، وإلا فمتى كانت القوّة النّافذة تأتي من الضّعف الشديد؟
فديتُ عيونكِ التي تندى منها رُوحي، أرأيتِ الحُزن تاركاً فؤادكِ وهو كالألماسة يجلوها فلا تتكدّر منه، ويدعها فإذا هي صافية تُنادي بريقها من اللألأة الدّامعة ويكأنّ جمالها فيه؟
وما دعاكِ إلى الخرقة من تشبيهٍ تُلقينه على هذا النّبع العذب فيبتلّ منه، ولو أنّه يُنتَزع من الرّسالة لنفضتهُ في وجهك، فهل هذا تشبيه؟!
ويا فديتُ الغاضبة المُتلهّبة! ما أنال من أوصافها غير الجمال يأتي ممزوجاً بها فيثبتُ عليّ ويقرّ عليكِ، وما شعرتُ من معانيكِ إلا كأنّ حرفي الماء.. ولكنه ماء مغليّ جاء يحرق من أوصافك، فوَيل أعداءكِ.. ما هذا الغضب!

سلامتُكِ "يا رُوحي" وأعلمُ بكِ تُحبّينها منّي، ولتهدأ نفسكِ ولتسكُن، ولتستريحي على أجنحتي فإني طوّافة رفرافة في الرّحاب، وقد سمونا ببيانك حتى الغيم.. فهل زال البأس، يا فنّ النّاي؟


تعبٌ فؤادِي كَاد يقتلُه الحَنين!
-
أنا مُتعبةٌ، وهذه المَعاني المطّرحة فِي صدري، يا مَيس.
أسمع صوتَ أنفاسي وهي تعلو وتهبط بقوّة، كأنما ركضتُ زمنًا ثمّ توقفت، غير أنني لم أقف، مازلتُ أركض، وألهث لهفةً وحنيني يستبق الدّرب!
تتراكض المَعاني في صدري وتصطدم بِجدار اللغة، وتتراجع.. لا لفظ فيتسِع لها.
أشعرُ وكأنّي خرقة مبلّلة أعصرُ لكي أجفّ، وأُنشر في الأسقفِ والنّوافذ، وعلى حبال الصبر، ولا أجفّ، مازلت مبلّلة بحزن طويل.. وما زالت عيني تُعصر وينسكب منها ماؤها.
آه يا مَيس، ما وسع هذا القلب ليتّسع لكلّ هذه التّناهيد وَلا تكون له ساعةً يزفرها ويلفظها من متنفّسه؟ لكَأنّي به بركان لا تسكنه غير النّار ويحرقُ بعضه بعضًا ويجد فِيها لذة واستمتاع، ولا يتشَكّى.
منذ وقت طويل ولا أحسّ إلا بالغَضب، وكأنّي فوهة بندقيّة، تَتحيّن بمكرٍ ساعةً تنفجرُ بها وَلا تطيب إلا بمقتل !
وأكادُ أقسم أن لا يسكتني شيءٌ وَأواري به غضبي، غير جلستي معكِ حينئذ، وتَعاطينا المسرّات والأحزان بعدْل، ولا يفهمني في زمانِي أحدٌ كما يفهمني قلبكِ، وهذا مَا أطيّب به خَاطرِي المتلظى.
قبلكِ مَا جرّبت شعورَ أن يُعرف حال قلبي، باضطراب أفكَاري ومجاوزتها الصحيح.. تصنّمتُ عجبًا وقتما رأيتِ منّي الخطأ، فسألتني إن كان بي بأس: "مَا بحس كلامك صحِيح.. فيكِ شي؟!" كنت أدافع بكاءً نهرًا، واستسلمتُ لقولكِ، بكيتُ فرحًا، محبّةً، قربًا.. ونسيتُ ألمي !
تعرفِين أراء عقلي وقلبِي، وإن لج بهمَا رأي مفنّدٌ، تدركِين بأنّ بي مسُّ حزن.
ينتابني شعورٌ بأن جميع الأمكنة ترفضني، وأعلم أن لي بقلبكِ مكان لا يمتلئ إلّا بي، لهذا السببُ آتيكِ محمّلة بهذا العِبء لأستريح، عوضًا عن كلّ متكإ.
أنا يا مَيس، لم أحبب قطّ الإستسلام، سأمخرُ هذا البحر إلى النهايَة، وإن تهاوت أشرعتي سأبدلها بآخر.. هَذا مَا يعتريني من إصرار كُلّما أرحت قلبي فِي مُدن قلبكِ الآمنة، وأرسيت سفني على شواطئه لألتمس الرّاحة.
اعذري تراخي لغتي الآن، وددتُ أنْ أجيء بها سادة، خالية مِن التّزويق، لأقول لكِ، ببساطةِ العبارة وكثافةِ الشّعور: أنّا متعبة، فحسب!
لكنّ قلبِي قادني للتّرسل معكِ، لحبٍّ يضمره لك، ويعلمُ أنّه محظوظٌ كون حبّه منكِ مبادل.. يا رفيقَة الرسائل، والخيال، وقلبِي.


تعبتُ من اللغةِ من اقترافِ المجازَات
أريدكَ هُنا معِي!
نجلسُ صامتَين يشربُ كلٌّ منَّا ملامحَ الآخَر.. كما عبر "كارلوس".


وخطفتُ من عينيكَ ألمعَ صورةٍ
مِن حسنها ظنّوا بأنّي شَاعرةْ!


وأنَا إذ أبكِي، إنمَا أذرفُ أغنيات، وتنمُو الألحانُ على شفتيّ، وأمطرُها مِن ألمِي فنًّا شقيًّا يغذّي اللحنَ بكَاءً محترّا !
أمس تَدفّقت ألمًا، فخرجت مِن فمِي أغنية !
فيمَا كُنت أتحسّس عَيني، رأيتُها تسقي مِن بلاغَتها شُجون قصائدي.
كُنت أبكِي الغُربة، وجدتنِي أبحثُ عن لحنٍ ينزلُ فيه دمعِي غريبًا، ممزوجًا بفنونِ الأسى والضّياع.
أحبّ صوتِي المختنق بِشجَاه، وإحسَاسه المَملوح بمَاء عيني، أبثّ منه غنائي، فيخرج صدَاه غريبًا تائهًا في المدى.
يا لهذه الرّوح إذ تبكِي ألمَها، فتخرجُه على هيئةِ قَصيدة تحمل عنهَا بعضَ أوجاعِها!
ولا يكُون لها ما تستروح بِه إِلّا ساعة يحضر فِيها فنّها.


طلع الصباحُ على دموعي فكانَ أول ما قام به، أن مسحها وأذن للشمسِ أن تتسلل إلى عَينيّ.
أنَا الآن مذَهّبة بالشّروقِ بعدما غذّى الليل ظلامَه مِن قلبِي.. مَررتُ صدفة بحديقةِ دوّار الشّمس، فرأيتها تمِيل نحو قلبِي، وترصد مسارَه، عرفتُ بأنّ الضوء يتوهّج.
قبل ساعات، كَان الظّلام يمتصّ رحيق النّور ويجتثّ كلّ منَارة فِي روحِي، وتنزّ من عيني دموعٌ كأنّما مزجت بالليل فتخرج ماءً مفحمًا !
تبدو اللحظة عينَاي كأنّما ثمة نهرٌ مترقرقٌ تنعكِسُ به خيوطُ الشّروق وكأنّها؛ هي مرآةٌ لهذا المَشهد البديع لتبثّه للقُلوب.
أنا مدينةٌ لهذا الصّباح بقلبِي،
يسحبنِي بقوّة من يدِ الليل ويجتذبني إلَى ضوءه.

20 ta oxirgi post ko‘rsatilgan.

250

obunachilar
Kanal statistikasi