-
الله الله!
لكأنّكِ بهذه الرّسالة قد أخذتِ الأقلام فأجريتِها في صفحتكِ وجعلتِها تكتُب فهي تأخُذ من قلبكِ كما يُمليه عليها، وتضع من معانيه التي يُريدها فما يُعجزها شيء، وقد جئتِ بالعجب فما هذا سِحر ولا فنّ، ولا هذه قدرة قلم.. فوا قلباه من عطايا تتجلّى واضحة في هذا القول!
وآهٍ آثار! آه! فأنا أقرؤها وأقرؤها وأشعر من سموّ بيانها كأنّها جاوزتْني فأنا ألحقها ولا أُدرك، وقد كنتُ فيها كالأميرة جاءت تميس وتُوضَع عليها الحُليّ من أوصافك؛ فيا غناكِ إذا أغدو منها ملكة.. هل تكوني أنتِ فيما قدّمتِ غير المُلكِ نفسه فأنا لستُ إلا أعبر منه؟
وتقولي ما تركتُ لكِ؟ أولا تري أن ما في يدي من ألفاظ هو ممّا تبعثيه في رسائلك، وأن ما أكتبه ليس إلا مما تُعطيني إياه، وأنني أضع من زبرجدك وعسجدك ولؤلؤك، ولكن بتراكيب رُوحي؟
ما أعظم أوصافكِ وأروعها يا آثار، وما أُحِبّ منكِ وصفاً مثل الدّهشة تُصيبين به هذه المُهجة التّعبة، وإني لأتأمّله في كُلّ مرّة فأراه يرفّ ويومض فهو لا يكفّ اجتذابه عن قلبي!
وأودُّ لو أُكمِل ولكنّي أستسلم يا فنّ النّاي، ويا رحمة الله لنفسي.. ما أحسبُها تحتملُ قوّة حرفِك وقد أصابتْني فأقعدتْني، وما أراها تقومُ من تعجُّبِها المُعذِّب فتردّ عليكِ أو تصف حالها، وإنّي من سِحر الفضاء إلى عُمق البحر.. إذا أمسكتُ من هُنا أفلتُّ من هناك، فللّهِ درّك!