أ. د. عبد الرحمن بودرع


Kanal geosi va tili: ko‘rsatilmagan, ko‘rsatilmagan
Toifa: ko‘rsatilmagan



Kanal geosi va tili
ko‘rsatilmagan, ko‘rsatilmagan
Toifa
ko‘rsatilmagan
Statistika
Postlar filtri


أنموذج مُقْتَطَع من حَواشٍ على خُطبة كتاب "دلائل الإعجاز". يُرادُ لها أن تَكون حَواشِيَ مسوّدةً على الطريقة الأصليّة من غير "لمسات تأويلية حديثة".
نرجو أنْ يمدّ الله في العُمر فنتوسّع في الشرح


السرديّةُ الأصيلَةُ وعناصرُها من الزمان والمكانِ والأحداثِ والمُفاجَآتِ والمُحاوَرات...
ورَدَ في "مُسْنَد الدّارِميّ" المَعروف بسُنن الدَّارِميّ، تح. حسين سليم أسد الداراني، دار المغني للنشر والتوزيع، ط.1، 1421-2000، ج:1، ص:423-424.
عن عمرو بن قيس قال: وَفدْتُ مع أبي إلى يزيدَ بنِ مُعاويةَ بحُوّارِينَ (قرية قريبة من حمص) حين تُوُفِّيَ مُعاويةُ نُعزّيه ونُهَنّيه بالخلافة فإذا رَجلٌ في مَسجدِها يقول:
« ألا إنّ من أشراط الساعة أن تُرفَعَ الأشرارُ وتوضَعَ الأخيارُ.
ألا إنّ من أشراط الساعة أن يَظْهرَ القولُ ويُخْزَنَ العَملُ.
ألا إن من أشراط الساعة أن تُتلى المَثْناة (1) فلا يوجَدُ مَن يُغيِّرُها، قيل له: وما المثناة قال ما اسْتُكتِبَ مِن كتابٍ غيرِ القُرآن. فَعَليكُم بالقُرآن فَبِه هُدِيتُم وبه تُجْزَوْنَ وعنه تُسألون.»
فلم أدْرِ مَن الرجلُ فحَدّثتُ هذا الحديثَ بعد ذلك بحمص فقالَ لي رَجلٌ مِن القَوم أوَ مَا تَعرفُه؟ قلتُ لا، قال: ذلكَ عبدُ الله بنُ عَمرو.
انظرْ إلى سردية الخَبَر التالي الذي رَواه عَمرو بنُ قيس:
وُفودُه مع أبيه لتعزية يزيدَ بن معاويةَ (الأشخاص) في أبيه وتهنئته بالخلافَة (زَمَن الوُفود والحَدَث) في حُوّارينَ (المكان)، فإذا رجلٌ في مسجدها يقولُ... (الحدث الرئيس المُفاجئ - والمكان - وتصحيح التاريخ ونشر الوَعي والتحذير من التشبه بواضعي المثناة...)
ـــــــــــــــــــــــــــ
(1) قال ابنُ الأثير في "النهايَة" : "وقيلَ إنّ المثْناةَ هي أنّ أحبارَ بَني إسرائيلَ بعد موسى عليه السلامُ وَضعوا كتاباً فيما بينَهُم عَلى ما أرادوا من غيرِ كتابِ الله، فهو المثناةُ، فكأنّ ابنَ عَمْرو كَرِه الأخذَ عن أهلِ الكتابِ، وقد كانَت عنده كُتُبٌ وَقَعَت إليه يومَ اليَرموكِ، منهم، فقال هذا؛ لمعرِفَته بما فيها.


من القصائد التي ينبغي أن تُقَرَّرَ على تلاميذ الثانوي، في مكارم الأخلاق:
من كتاب الأمالي لأبي عليّ القالي (ت.356هـ)، عُنِيَ بوضعها وترتيبها: محمد عبد الجواد الأصمعي، نشر دار الكتب المصرية، ط.2، 1344هـ-1926م، ج:1، ص:269-270
قَصيدةُ السّموءلِ ابنِ عادِياءَ:
قلَ أبو علي القاليّ: وقرأت عَلَى أَبِي بَكْرٍ للسموءل بن عادياء اليهودي:
إذا المرءُ لم يَدْنَسْ مِن اللؤم عِرضُه ... فكلُّ رِداء يَرتديه جميلُ
إذا المرءُ لم يَحْمِلْ عَلَى النَّفسِ ضَيْمَها ... فليس إِلَى حُسنِ الثناءِ سَبيلُ
تُعَيِّرُنا أنَّا قليلٌ عَديدُنا ... فقلتُ لها إن الكرامَ قليلُ
وما قَلَّ مَن كانت بقاياه مِثْلَنا ... شَبابٌ تَسَامى للعُلا وكُهولُ
وما ضَرَّنا أنّا قليلٌ وجارُنا ... عَزيزٌ وجارُ الأكثرينَ ذَليلُ
لنا جَبَلٌ يَحتَلُّه مَن نُجيرُه ... مَنيعٌ يَرُدُّ الطَّرْفَ وهُوَ كَليلُ
رَسَا أصْلُه تَحتَ الثَّرى وسَما بِه ... إلى النَّجمِ فَرعٌ لا يُرامُ طَويلُ
وإنا لَقومٌ ما نَرى القَتْلَ سُبَّةً ... إذا ما رَأته عامِرٌ وسَلولُ
يُقَرِّبُ حُبُّ المَوتِ آجالَنا لَنا ... وتَكْرَهُه آجالُهم فتَطولُ
وما ماتَ مِنّا سَيّدٌ حَتْفَ أنْفِه ... ولا طُلَّ مِنّا حَيثُ كانَ قَتيلُ
(قال أبو عليّ القالي: وهذا مثل قول عمرو بن شأس:
لَسْنا نَموتُ عَلى مَضاجِعِنا ... بالليلِ بَل أدْواؤُنا القتلُ)
تَسيلُ عَلى حَدِّ الظُّباتِ نُفوسُنا ... ولَيْسَتْ عَلَى غَير السُّيوفِ تَسيلُ
صَفَوْنا فَلَم نَكْدُرْ وأخْلَصَ سِرَّنا ... إناثٌ أطابَتْ حَمْلَنا وفُحولُ
عَلَوْنا إلى خَيرِ الظُّهورِ وحَطَّنا ... لِوَقْتٍ إلى خَيْرِ البُطون نُزولُ
فنحنُ كماءِ المُزْنِ ما في نِصابِنا ... كَهامٌ ولا فينا يُعَدُّ بخيلُ
ونُنكِر إن شئنا على الناس قَولَهُم ... ولا يُنْكِرون القَولَ حينَ نَقولُ
إذا سَيدٌ منّا خَلا قامَ سَيدٌ ... قَؤُولٌ لِما قَالَ الكرامُ فَعولُ
وما أُخمِدَت نارٌ لنا دونَ طارق ... ولا ذَمَّنا في النّازلينَ نَزيلُ
وأيامُنا مشهورةٌ في عَدُوِّنا ... لها غُرَرٌ مَعلومةٌ وحُجولٌ
وأسيافُنا في كل غَرب ومَشرِقٍ ... بها من قِراعِ الدّارعينَ فُلولُ
مُعوَّدةٌ ألا تُسَلَّ نُصولُها ... فتُغْمَدُ حتّى يُستباحَ قَبيلُ
سَلِي إن جَهِلْتِ الناسَ عَنّا وعَنهُم ... وليس سواءً عالمٌ جَهولُ
فأن بنى الدَّيانِ قُطبٌ لقَومِهم ... تَدورُ رَحاهُم حَولَهم وتَجولُ
ما أجملَ القصيدَةَ في الفَخرِ وعزّةِ النفسِ والكَرامةِ والتَّغَنّي بعُلوِّ العِرضِ وصَفائه وبالشجاعَةِ ومَنْعِ الضَّيْم


وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ كَذَلِكَ نَسْلُكُهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِهِ وَقَدْ خَلَتْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ [الحِجْر: 11-13]

به يستهزئون - نسلكه - لا يؤمنون به : هذه ثلاثة ضَمائرَ لها مَراجعُها، والمتبادر إلى الذّهن أنّ المرجعَ في الظّاهر هو [رسول]، فأمّا الضميرُ في "به يستهزئون"، و"لا يؤمنون به"، فيَرجع إلى "الذِّكْر" المذكور في الآيَة 9 : «إنّا نحن نزلنا الذّكْرَ»، والمَعنى: كانوا بالذّكر يستهزئون، ولا يؤمنون بالذّكر، ويجوزُ فيهما أن يَعودا على الرسول، لكنَّ الرّاجحَ أن يَعودا على الذّكْرِ حتّى يتّحدَ نَسَقُ المرجعيّةِ في الضَّمائرِ الثلاثَة، لأنّ الضميرَ في قوله تعالى "نَسلُكًُه" لا يرجعُ إلاّ إلى الذِّكْرِ ولا يصحُّ أن يَعودَ على الرّسولِ، والمرادُ بقوله "كَذلكَ نسلُكُه" نسلكُ الذّكرَ في قُلوبِ المُجرمينَ، أي هكذا نولجُ القرآنَ في عُقول المشركينَ، فإنهم يسمعونه ويفهمونه إذ هو من كلامهم ويُدركونَ خصائصَه؛ ولكنه لا يستقر في عقولهم استقرار تصديق به.


الفرقُ بين الجملَتَيْن:
لَو كانَ مَعَنا رجلٌ إلا زيدٌ لَغَلَبْنا
لَو كانَ مَعَنا رجلٌ إلا زيدٌ لَغُلِبْنا
الجُملَةُ الأولى ذمٌّ لزيد، والثانيةُ مَدحٌ لَه، والأسلوب فيه ضربٌ من الكناية، وورَدَت "إلا" بمعنى غير، وهي في موضع الصفةِ لزيد، والتقدير لَو كان عندنا رجلٌ مَكانَ زيدٍ أو عِوَضاً عنه لغَُلَِبْنا... وفي الأسلوب أيضاً ضربٌ من امتناع الوجود: امتناع وجود رجلٍ غيرِ زيدٍ، تَرَتّبَت عنه نتيجةٌ حَصريّةٌ هي الغالبيّة أو المَغلوبيّة.


مسألةٌ أخرى في الوَقْف والمَعْنى:

عندَما نتحدثُ عن الوقف والمعنى فإنما نتحدثُ عن علاقة التركيب بالدلالَة، ومن نماذجِ ذلكَ قولُه تعالى في "التوبة:50":
[وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لَا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ]

السياقُ سياقُ تبعيضٍ والمعنى أنّ بعضَ الأعرابِ منافقونَ وبعضَها مؤمنون وهم جُهَيْنَة وأسلمُ وأشْجَعُ وغِفَار وآخَرون، ولكنّ النبيَّ صلى الله عليه وسلَّم أُعلِمَ بأنّ آخَرينَ منافقونَ حتّى لا يغرَّه خَفاءُ أمْرِهِم.

وبعض أهلِ المدينةِ أخلصوا الطّاعةَ ولكنّ بقيةً مِن بينِهم مَن أضْمرَت النفاقَ.

وإعرابُ "مِنْ" في قوله [ومِن أهل المدينَة] إمّا أن تكونَ اسماً بمَعنى "بَعْض" وجُملة "مَردوا" في محلّ رَفع خَبر، والتقديرُ: بعضُ أهل المدينَة مَرَدوا... وإمّأ أن تكونَ على أصْلها في الحرفيّةِ وعَمَل الجّرِ وتُفيدُ التبعيضَ ومُبَعَّضُها مَحذوفٌ والتّقْديرُ: ومِنْ أهلِ المَدينة قَومٌ أو جَماعةٌ مَردوا، كما في قوله تعالى: "مِنَ الذينَ هادوا يُحرِّفونَ الكَلِمَ عَن مَواضِعِه"

يجوزُ الوقفُ على "منافقون" فتكون جملةً اسميةً تقدمَ خبرُها وتأخَّر المبتدأ وهو "مُنافقونَ" ويكون ما بعدها جملة معطوفة، أي بعضُ مَن حَولَكُم مُنافقونَ وبعضُ أهلِ المدينَة كذلكَ.

ويجوزُ الوقفُ على "المَدينَة": "وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ"؛ والمعنى أنّ جماعةً مِمَّن حَولَكم وجَماعةً مِن أهل المَدينةِ منافقونَ، ثُمَّ تأتي الجملة الاستئنافيّةُ "مَرَدوا" لتُخبرَ عَنهم جَميهاً بأنّهُم مَرَدوا على النفاق.


شاعَ خطأ تركيبي بين المثقفين ، مصدرُه الترجمَة أو النقلُ عمّن تأثّر بالتّرجَمة، وهو تقديم الجملَة الحالية على الفعل المتضمن فاعلاً ظاهراً أو مُضمراً، وهذا الفاعلُ هو صاحبُ الحال، وذلكَ نحو قولهم:
وأنا أقلبُ صفحات الكتاب وجدتُ...
وأنا أتجولُ بين رفوف المكتبات عثرتُ على كتاب...

ويكثُر هذا الضّربُ من الخطأ في كتابات القصص والروايات، ويُعللُ أصحابُها رُكوبَهم هذه الأساليبَ المترجَمَة بأنها أدقُّ في وصف الحال التي يصفونَها، وهُم لا يَعلمونَ أو يعلمون ويَتغافَلونَ أن تقديمَ ذلك الفعل المتضمن لفاعل كان صاحبَ حالٍ سيُسقطُ اللحنَ ويُبْرئ السَّقَم الأسلوبيَّ ويُعيدُ للتركيب عافيتَه المَسلوبَةَ، نعَم يَجوزُ تقديمُ الحالِ على صاحبِها ولكنّ تقديمَ جملة الحالِ على صاحب الحالِ المُفْرَد خلطٌ واضحٌ، وعنايةٌ بالمعنى وإهمالٌ لقواعِدِ الصنعَة، وهو من مزالِقِ التركيبِ والتعبيرِ والإعرابِ؛ ما الذي يَمنعُنا من أن نَقولَ:

وجدتُ، وأنا أقلبُ صفحات الكتاب...
عثرتُ، وأنا أتجول بين الرفوف، على كتاب...

أو نصرفُ النظرَ عن تصويب التركيب إلى تركيب آخَر أجملَ وأوفى، نحو قولنا:

بينما أنا أقلبُ صفحات الكتاب إذ وجدتُ...
بينَما نحنُ نتجولُ في رفوف المكتبَة إذ عَثرْنا...

وشاهدُه الحديثُ النبويُّ الشريفُ الذي رَواه عُمر رضي الله عنه [صحيح مسلم]: بينَما نحنُ جلوسٌ عند رَسول الله صلى الله عليه وسلّمَ إذْ طلَعَ عليْنا رجلٌ...(1)

هلْ نُفضِّلُ الأسلوبَ الشائعَ المترجَمَ على أسلوب الحَديث، ونقولُ: أسلوبُنا أدقُّ وأوفى بالمَعْنى؟ فمَن أجابَ بالإيجابِ وقالَ إنّ الأسلوبَ المرتَكَبَ اقتضاه العصرُ أو اقتضتْه الدّقّة في التعبير عن المَعْنى، قُلنا له: ما وجه الاقتضاء، وما وجه الدّقّة الدّلاليّة، وما علّةُ الخروج على التركيب العربيّ السليم الذي يشهدُ له ما لا حصر له من الشواهد الفصيحَة، أيُّ تعليل هذا وأيّ تنكُّرٍ؟ ليس للقضيّةِ إلا تفسيرٌ واحدٌ هو الترجمةُ الحرفيّةُ التي تُلقي بقبضتِها على رقابِنا.

فالقضية التي نناقشها هي تقديم جملة الحال على صاحبها، أو بناء الجملة لما لم يُسمَّ فاعلُه ثُم ذكرُ الفاعل، فهذه تراكيبُ منقولةٌ لا شك في ذلك، منقولة من لغة أخرى وليسَت تطورا أفضى إلى تغيير تركيبٍ بتركيب آخَر، وليسَت إبداعاً أو ذكاءً لغوياً، إنه لُجوءُ المتكلم إلى استعارةِ تركيب من لغة أخرى، وليس على سبيل الاختيار والتفضيل بين لغتين أو بين تركيبَيْن، والسبب هو أن المتكلم الذي يرتكب هذا التركيب الأجنبيَّ يَجهلُ تراكيبَ لغته "فيملأ خانةَ الفراغ التركيبي" الذي في نفسه بنموذج لغة أخرى في التركيب، وحينئذ يحدثُ الخلطُ.

ــــــــــــــــــــ

(1) هذا تركيبٌ صحيح، ففي الحديثِ: بينما نحن جلوسٌ عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ... إذْ طَلَعَ علينا رجلٌ... نستطيع أن نقيسَ عليه أمثلةً: "بينما أنا قائمٌ إذ جاء زيدٌ" وتفسيرُه: بينَ أوقاتِ قيامي مَجيءُ زيدٍ، وتُعرَبُ "بينما" ظرفاً متعلقاً بعاملٍ محذوفٍ يُفسرُه فعلُ المجيءِ الواقعُ بعدَ إذْ، ولا يتعلقُ بينما بجاء للفاصل الحاجز وهو المُضافُ "إذ".


فائدة صرفية :
فعلُ "وَطِئَ يَطَأُ" الأصلُ في مُضارعه أن يكونَ مَكسور الطاء (يَطِئُ) فهو مَبنيٌّ على تَوَهُّم فَعِلَ يَفْعِلُ مِثْلُ وَرِمَ يَرِمُ؛ غَيْرَ أَنَّ لامَ الفعلِ إِذَا كَانَ مِنْ حُرُوفِ الحَلْقِ السِّتَّةِ، فَالغالبُ فيه أن يُفتَحَ، وَمِنْهُ مَا يُقَرُّ عَلَى أَصل تأْسيسه مِثْلَ وَرِمَ يَرِمُ. وأَمَّا وَسِعَ يَسَعُ ففُتحت لِتِلْكَ الْعِلَّةِ.


"وفي السماءِ رِزقُكُم وما توعَدونَ"
في السماء الغَيثُ الذي به يُخرجُ نَباتَ الأرض بعد موتها، عَدَلَ عن ذكر الغيثِ إلى ما يلزَمُ منه ويترتبُ عليه، وهذا قياس تَمثيل أي في السماء الغيثُ الذي تُرزَقون بسببه. وكأنّ السحبَ تحملُ الرزقَ والرياح تدفعه للإلقاءِ به على المَوهوبِ لهم، وقُدمَ الجار والمَجرور (في السماء) على مُتَعَلِّقِه للعناية والاهتمام بهما
ثُمّ عُطِفَ عليه قولُه: "وما توعَدونَ" وفيه إشارَة إلى البعث المَوعودِ به، فآية الغَيْث دليلٌ مركَّب بين أمرَيْن: أنّ رزقَهم الذي في السماء سيبعثُ الأرضَ ويُحييها، وأنّ في ذلكَ أيضاً استدلالا على البعثِ بعد الموت، من أجلِ الموعظةِ والتّذكير.
لا أدري لِمَ "يَقفُ" كثيرٌ من القُرّاءِ عندَنا على (رزقُكم) ويستأنفونَ بـ(وما توعَدونَ فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ). فهذ الوقفُ الغريبُ يُشتتُ المَعْنى ويُضيعُ البلاغةَ ويذهبُ بالصورة ولا يُلقي بالا لأسرارِ الوقف ودلالاته.
فإذا سألتَهم قالوا هكذا حفظنا !!!


عندَما يوصَفُ المرءُ بصفاتِ الطبيعةِ، ويَصيرُ جزءاً منها، تحلُّ فيه ويَحلُّ فيها، ولا يجدُ الشاعرُ خيراً من تقريبِ المَوصوفِ بما يَعلَمُه عن الكونِ المألوف:
غَيثُ مُزنٍ غامِرٌ حيثُ يُجدِي *** وَإِذا يَسطُو فَلَيثٌ أَبَلُّ
نُسبَ البيتُ للشنفَرى، ولتأبَّط شراً، ولخَلَف الأحمَر، ونسبَه الأستاذ محمود شاكر بعد التحقيق لخُفَاف بنِ نَضْلةَ، ابنِ أختِ تأبَّط شرّاً .
وهذه مرثيةٌ ضمَّنَها خُفافُ مَناقبَ خالِه الهالك


قد يأتي اسمُ الموصول "الذي" بمعنى أنْ المصدريّة أو "ما" المصدرية فيَتَقارضَان، ولكن الأرجَحَ أن يَنوب اسمُ الموصول عن الحرف المصدري:

ذَكَرَه يونسُ بنُ حبيب والفراءُ وأبو عليّ الفارسيّ وابنُ خَروف وابنُ مالك ومحمد بن مسعود الزكي في كتابه البديع ، ونَقَله عنهم ابنُ هشام في المغني:
إن الذي وأنِ المصدرية يتقارضان، فتقع الذي مصدرية كقو الشاعر:
أتقرَحُ أكبادُ المحبّينَ كالذّي ... أرى كبِدي منْ حُبِّ ميّةَ تقرَحُ
وتقع أنْ بمعنى الذي كقولهم زيدٌ أعقلُ منْ أن يكذِبَ أي: من الذي يكذب.
ومنه قولُه تعالى: "ذلك الذي يبشِّرُ اللهُ عِباده". "وخُضتُمْ كالذي خاضوا".
في مَعنى: ذلك تبشيرُ الله عبادَه، وخُضتُم كما خاضوا أو كخَوضهم

وهذا من وظائف اسم الموصول في النيابة عن حرف المصدر، رَجَّحَه المَعنى الذي يؤولُ إليه التركيبُ


الأسعَر الجُعْفيّ :
عَجَبًا عَجِبْتُ لِمَنْ يُدَنِّسُ عِرْضَهُ /// وَيَصُونُ حُلَّتَهُ يُوَقِّيهَا الأَذَى
كأنه نظر إلى عصرنا


قال سعدُ بنُ مسعودٍ التّجيبيُّ: « إذا رأيتَ الرّجُلَ دُنْياهُ تَزدادُ وآخرَتُه تَنقُصُ مُقيماً عَلى ذلكَ راضياً به، فذلكَ المَغْبونُ »
كتاب: الزُّهد والرَّقائق، لابن المُبارَك، تَحقيق فَريد مُبارَك، دار المعراج الدّوليّة للنشر، الرياض، 1415-1995، ص: 505.


ما زلتُ أسألُ: كَيْفَ يُجيزُ ابنُ مالكٍ رحمه الله، في قوله:
والحالُ إنْ يُنْصَبْ بفعلٍ صُرِّفا *** أو صفةٍ أْشْبَهَت المُصَرَّفا
فجائزٌ تَقديمُه: كَـــ "مسرعا *** ذا راحلٌ"، و"مُخلِصاً زيدٌ دَعا"
تقديمَ الحال على العامل فيها، وبين المعمول والعاملِ حاجزٌ مُعْتَبَرٌ هو المبتدأ؛ فالحالُ "مُسرعا" في قولنا: [مُسرِعاً ذا راحلٌ]، معمول الخبر "راحل"، وبينهما مبتدأ حائل هواسم الإشارَة "ذا" وهو حائلٌ بين المعمول المتقدم والعامل المتأخر، وكذلك المثال الثاني: [مخلصا زيد دعا]؛ حيثُ جاء "زيد" مبتدأ واقعا بين حال متقدم وعامل في الحال متأخر ؟
الإشكال في أنّ العاملَ المتأخر تَخطى المبتدأَ وعمل في معمول قبلَه ، وحق المبتدأ ألا يعملَ ما بعدَه في ما قبلَه.
قد يقولُ قائلٌ: "أجاز ذلكَ؛ لأن العاملَ مُتصرف، أو شَبيه به، أمّا الذي لا يتصرف في نفسه، لا يتصرف في غيره.
اعتراضٌ صحيح، ولكن تَخطّيَ الحاجز الحَصينِ أمْرٌ لا يَسمحونَ به، إلا إذا قَدَّرْنا عاملاً قبل الحال المُتصدِّرَة يَعملُ فيه، والتقديرُ: راحلٌ مُسرعاً ذا راحلٌ - ودعا مخلصاً زيدٌ دَعا، وقد أجازوا للضرورة:
لِمَيَّةَ موحشاً طَلَلُ *** يَلوحُ كأنّه خِلَلُ
فقد اجتمع في هذا الشاهد تقديمُ الحال على صاحبها النكرة؛ لتأخره، ولا يبعدُ أن يكونَ الناصبُ للحال الاستقرارَ الذي تَعَلَّقَ به الظرفُ.


الحَفْزُ والإحفازُ وليسَ التَّحفيز :
والفعلُ حَفَزَ يَحفِزُ وأحْفَزَ يُحفِزُ بتخفيف الفاء وليس بتشديدها، والحَفْزُ والإحفازُ حَثُّك الشيءَ من خلفه سَوْقاً وغيرَ سوق، ومن مسائل سيبويه: مُرْهُ يَحْفِزُها، رُفِعَ على أَنّه أَرادَ أَن يَحْفِزَها، فلما حذف "أَنْ" رَفَعَ الفعلَ بعدَها، ورَجل مُحْفِزٌ: حافِزٌ. والأنثى مُحفِزةٌ:
ومُحْفِزَة الحِزامِ بِمِرْفَقَيْها /// كَشاة الرَّبْلِ أَفْلَتَت الكِلابا
مُحْفزة: مُفْعِلَة من الحَفْز يعني أَن هذه الفَرَسَ تَدْفع الحزامَ بمرفقيها من شدَّة جَريِها. وقوس حَفُوز شديدة الحَفْز والدفعِ للسهم
وتقولُ: رَأَيتُ فلاناً مَحْفُوزَ النَّفَس إِذا اشتدَّ به، والليلُ يَحفِز النهارَ حَفْزاً يَحُثُّه على الليل ويَسوقه؛ قالَ رؤبةُ: حَفْزُ اللَّيالي أَمَدَ التَّزْيِيفِ. وفي الحديث عن أَنس رضي الله عنه: من أَشراط الساعة حَفْزُ الموت. قيلَ وما حَفْزُ الموت ؟ قال موت الفَجْأَة.
والحَفْزُ الحَثُّ والإِعْجال والرجل يَحْتَفِزُ في جلوسه يريد القيام والبطشَ بشيء. والاحْتِفازُ والاستِيفازُ والإِقْعاءُ واحد.
قد يَجوزُ ارتكابُ الوجه المردود وهو التَّحفيز، ولكن لو فَتحنا هذا البابَ لأدّى ذلك إلى إماتَة المَشهور في فصيح العربية واستحداث ما لَم يَردْ، والأصلُ أنّه لا يُستحدَثُ في العربيةِ إلا ما احتيجَ إليه وهو غير واردٍ، أي ينبغي أن يَكونَ الاستحداثُ لسدِّ الخصاص لا لتعويض وجه بوجه.


لِمَ نهتمُّ إلى يومنا هذا بكتابِ إمام اللغة والنحو سيبويْه
لِمَ نبحثُ فيه ونسجّل أطاريحَ أكاديميّةً فيه ونستخرجُ مُحتواه من جديد
لِمَ نَعْقدُ "مجالسَ كتاب سيبويه" في مراكزنا البحثيّة وننشرُ الحلقاتِ على القنواتِ الشبكيّة؟
لأنّ كتابَ سيبويه كتاب "منهج بحث علميّ"

أفتى الجرميُّ الناسَ ثلاثين سنةً من كتاب سيبويه، وهو كتابُ نحوٍ لا فقه، وإنّما ذلك لأنّه يُعلِّمُ العَقْلَ، ويُتعلَّمُ منه النّظرُ والتفتيشُ. فهو كتاب في "منهج البحث العلميّ".
وكأنّ الجرميَّ فصَلَ المادّةَ العلميّةَ اللغويّةَ عن الخطّ الفكريّ المنهجيّ واستطاعَ أن يستخرِجَه ويستفيدَ منه في مزاولةٍ علمٍ آخَرَ

هذه خلاصةُ آراءِ الكِبارِ في الكتاب




عَوْدٌ إلى مَسألة الوقف وأثرِه في المَعْنى، والعَوْدُ لا يُملُّ:
المَعاني في الوَقْفِ مُعْتَبَرَةٌ والأنفاسُ تابعةٌ لَها
عندَما نقولُ الوَقف في القُرآن الكَريم، فنَعني به المواضعَ التي نصَّ عليها القُراءُ؛ فكلُّ موضع منها يُدْعى وقفا وان لم يقف القارئُ عندَه. فكلُّ موضعٍ يوقَفُ عندَه ليس المرادُ منه أنّه يجبُ الوقفُ فيه، ولكنّ المرادَ أنّه يصلُح الوقفُ عندَه وإن كان في نَفَس القارئ طولٌ وقوّةٌ.
وقَد شبّه عُلَماءُ القراءات القارئَ للقُرآن الكَريمِ بالمُسافر، وشبَّهوا المَقاطعَ التي يَنتهي إليها القارئُ بالمَنازِلِ التي يَنزلُها المُسافرُ، وهي مُختلفةٌ بالتّامّ والحَسَن وغيرهِما، كاختلافِ المَنازلِ في الخِصْبِ ووُجودِ الماءِ والكَلأ وما يُتظلَّلُ به، والناسُ مُختلفون في الوَقف؛ فمنهُم مَن جَعلَه على مَقاطعِ الأنفاسِ ومنهُم مَن جَعله على رُؤوس الآي، والاعْدلُ أنّه قد يكونُ في أواسِط الآيِ وإن كانَ الأغلب في أواخرها، وليسَ آخرُ كلِّ آيةٍ وَقفاً، بل المَعاني مُعتبرةٌ والأنفاسُ تابعةٌ لَها، والقارئُ إذا بَلغَ الوقفَ وفي نَفَسِه طولٌ يبلغُ الوَقفَ الذي يَليه فَله مُجاوزتُه إلى ما بعده إنْ لَم يَمنَع المَعْنى ذلكَ.
ثم الوقفُ على مراتبَ؛ أعلاها التامُّ ثمَّ الحَسَنُ ثمّ الكافي ثُمّ الصّالحُ ثمّ المَفهومُ ثمّ الجائزُ ثمّ البَيانُ ثمّ القَبيحُ، فأقسامه ثمانيةٌ، عَلى خلافٍ.
يُراجَعُ: "المَقْصدُ لتَلخيصِ ما في المُرشد في الوَقف والابتداء"، لزكريا الأنصاري الشّافعيّ.
رأيي:
فانظرْ أيَّ الوقوفِ تلتزمُ به أيها القارئُ وتطمئنُّ إليه وتَرتضيه، من غيرِ تَأويل يَصرفُ النصَّ عن ظاهِرِه لإرادةِ مَعْنىً يُوافِقُ وَقْفاً أو يُوافقُ اجتهاداً بعيداً، فالأصلُ في الوَقْفِ الوقفُ عند الذي وَقَفَ عندَه جُمهورُ القُرّاءِ ووافَقَ المعنى التّامَّ.
ثم إنّ الوقوفَ المشهورَةَ التي يُستَوْفى بها المَعْنى يَنبغي أن تَغلِبَ وتَسودَ، رعايةً للمعنى وتَجنُّباً للتقديرات المُعوِزَة إلى تَمام المَعْنى، وليَبْقَ الخلافُ مَحلَّ دراسةِ الدّارسينَ والباحثينَ، ولا نُنكرُ على القُرّاءِ ولا ننعتُهم بالجهل، حاشا لله، ولكن ينبغي أن يُحْفَظَ لكتابِ الله تعالى حقُّ ترجيحِ الوقفِ الراجحِ الذي يظهرُ به المَعْنى من أيسرِ الطرُق...
والله تعالى أعلى وأعلَم


المُوشّى. dan repost
انتَقَلَت اللسانياتُ من عامة إلى لسانياتِ النص، فتحليل الخطاب، ومن تحليل الخطابِ إلى التحليل النقدي للخطاب. انتشر تحليل الخطاب خاصة، مع تراجع التيارات البنيوية وظهور التيارات التداولية التي تٌدخل أركانَ الإنتاج في الحُسبان. فتحليل الخطاب النقدي فرع على تحليل الخطاب، ويختص تحليل الخطاب النقدي بدراسة مقولات الخطاب اللغوية في علاقتها بالظواهر الاجتماعية المختلفة أي يصف الخطاب بما هو ممارسة اجتماعية كما يقول بول بيكر في (Key Terms in Discourse anlysis) مُركزا على الجوانب الفكرية والسياسية والمذهبية. ويركز تحليل الخطاب النقدي على المنطوق الاجتماعي في الخطاب وكذلك على المسكوت الذي سكَتَ عنه الخطاب ويغلب أن يكون هذا المسكوتُ عنه سياسيا مؤثرا في توجيه مضمون الخطابِ وإن لم يُنطَقْ به لأسباب لا يعلمها إلا نُقّادُ الخطاب.

المهم أن البُعد الاجتماعي في صفته الحَرَكية التفاعلية حاضر بقوة في التحليل النقدي للخطاب لفحص صدق الخطاب وتمحيصه، فيكونَ هذا التحليل النقديُّ واسطة تتخذُ موقعَها بين منتج الخطاب والمُرسَل إليه

يُرجعُ إلى:
BAKER Paul; Key Terms in Discourse Analysis
ويُنظر أيضاً: من تحليل الخطاب إلى تحليل الخطاب النقدي، د.عبد الكريم جمعان

- د. عبد الرحمن بودرع


من كلام شيوخ العلم في المَنهج :
أن تَسِيرَ على قَدَميْك وتَتعثَّرَ عشرات المراتِ وتَقومَ مرةً واحدةً خيرٌ لك من أن تَسيرَ مَحمولاً على الأعناق.

20 ta oxirgi post ko‘rsatilgan.

546

obunachilar
Kanal statistikasi