افقيه براء من الهوى، وأن مخالفيه كلهم متبعون للهوى. وقد كان من السلف من يبلغ في الاحتراس من هواه حتى يقع في الخطأ الآخر، كالقاضي يختصم إليه أخوة وعده فيبالغ في الاحتراس حتى يظلم أخاه، وهذا كالذي يمشي في الطريق ويكون عن يمينه مزلة فيتقيها ويتباعد عنها فيقع في مزلة عن يساره! "
وقال الإمام الشاطبيّ رحمه الله في كتابه الإعتصام بتحقيق الشيخ مشهور آل سلمان حفظه الله (ج2ص 448-449)
عندما ردّعلى أهل التقليد وضرب الأمثلة على بعضهم, قال في المثال الرابع.
رأي بعض المقلدةِ لمذهب إمام,يزعمون أنّ إمامهم هو الشريعة,بحيث يأنفون أن ينسب إلى أحد من العلماء فضيلة دون إمامهم, حتى إذا جاءهم أحدٌ ممن بلغ درجةَ
الإجتهاد, وتكلّم في المسائل باجتهاده,ولم يرتبط إلى إمامهم؛رموه بالنكير,وفوّقوا إليه سهام النقد,وعدّوه من الخارجين عن الجادّة,والمفارقين للجماعة,من غير استدلال منهم بدليل,بل بمجرد الاعتياد العامي. انتهى
ومن أراد مزيد فائدة فليرجع غير مأمور إلى كتاب الاعتصام .
قلت سبحان الله كأنّ الإمام الشاطبيّ بين أظهرنا اليوم , ويقصد بكلامه هؤلاء الأغرار,الذين يبدعون العلماء الكبار, بسبٍ وشتمٍ وعوار, لأنهم خالفوا شيوخهم بالحجّة والدليل من الكتاب والسنّة بفهم السلفِ الأخيار.
إخوتي في الله, والله إني لنفسي ولكم ناصح,وما كتبت ونقلت لكم هذا الكلام إلا من باب النصيحة,فكونوا من قادة سفينة الإسلام والسنّة إلى برّالأمان ,وبخاصةٍ في وقت الفتن المدلهمّة,واحرصوا على الإقتداء بأئمة أهل السنة.
ثمّ اعملوا على تربية أنفسكم وأهليكم وأبنائكم,على منهج سلف الأمة,علماًوعملاً وأبشروا وأمّلوا فسترون من الله ما يشرح به صدوركم ويقر به أعينكم, ويلهمكم به وقت الفتن والمحن,وأخيراً أقول إنّ المنح لا تأتي إلّا من رحم المحن,فأسأل الله جلّ في علاه وعظم في عالي سماه, أن ينجّينا من الفتن ما ظهر منها وما بطن.
وصلى الله على محمدٍ وآله وصحبه ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين وسلم تسليماً كثيراً.