إن الأبنية ما بعد الحداثية، وفقاً لدولوز" لا ترى ضيراً مثلاً في مزج الأفكار المعمارية الحديثة مع الأشكال والرموز التقليدية الغابرة بهدف إحداث نوع من الصدمة والادهاش، وربما المرح والتسلية للرائي. وهو ضرب من الإيمان بأن الجمال قد يتولد من التنافر مثلما يتولد من الاتساق، ومن الفوضى مثلما يتولد من النظام. لقد انعكس التحول الذي حدث في المجالات الثقافية على الناتج المعماري وعلى اهتمام المعماريين، وساهم كل منهما في إثراء الفنون الأخرى، لأن الحواجز بينهما قد سقطت "فاستوعب الخطاب المعماري المعاصر اتجاهات مختلفة نحتية وتشكيلية تنهل من طرز عديدة. ورأى بعض النقاد المعماريين أن التعددية والصخب ما هما إلا تعبير عن تعددية وصخب الأحداث التي بداخل جدران البنايات وفيما حولها. أو هي لون من الديمقراطية وحرية التعبير تسمح لكل معماري أن يطرح أفكاره الخاصة دون الإلتزام بقالب يحده أو نموذج يتمثله، وهو أمر لم يكن بمقدور المعماريين أن يفعلوه في السابق"، وفي سياق مشابه يقول جان نوفيل: "لم يعد المكان يعاش بنفس الطريقة، ولم تعد نفس الأشياء موجودة بالداخل، فاللعب بالمقياس يتم بطريقة مختلفة، ويتم تغيير معناه، فنتمكن انطلاقاً مما كان كبير الحجم غير واضح ووظيفي على نحو خالص، وعبر انحرافات متعاقبة، من إعادة خلق وتجديد لم يكن باستطاعة أي أحد تخيل أنها ممكنة