الكاتبة رويدة الدعمي 🌱 dan repost
#الأم_الحريصة.. بين الثقافة والدعاء
بقلم: رويدة الدعمي
بعد نشري لمقال (حفلات الأعراس) جاءني هذا السؤال:
ما هي الأمور والمقاييس التي نتبعها في تربية بناتنا؟
والجواب سيكون في البدء عن تربية البنات ثم نتطرق لتربية الأبناء بصورة عامة ليكون الموضوع أشمل وأنفع بإذن الله تعالى.
الجواب:
الأم الحريصة والمثقفة تحاول دائمًا أن تكون الصديقة المقربة لبناتها أكثر من كونها أم أو مرشدة أو موجهة لهن..
فالفتيات دائمًا بحاجة إلى من يستمع إليهن أكثر مما يستمعن منه، فإن حرصت الأم على الاستماع لابنتها منذ الصغر وعدم الزمجرة في وجهها على كل صغيرة وكبيرة ستطمئن تلك البنت لأمها وستحبها وتحترمها أكثر مما تخافها وتهابها، فالحب هو من يولد حالة الصداقة والاطمئنان وليس الخوف والحذر المستمر!
الأمر المهم في تلك الصداقة أن تقوم الأم بتوضيح أخطاء ابنتها بكل لين وهدوء ويكون الحد الفاصل في رفض الخطأ هو الحلال والحرام.. لكن بشرط!
أن تعرف ابنتي لماذا حرَّم الله تعالى هذا الأمر؟ فما الفائدة أن أقول لها هذا حرام لا تفعليه ثم ما إن أغيب عنها ستتجرأ على فعله؛ لأنها تراه أمرًا عاديًا لا ضرر فيه؟!
لذلك دائمًا ما أنصح أخواتي الأمهات أن تكن الواحدة منهن على قدر عالٍ من الثقافة الدينية بحيث تعرف الحكمة من كل حرام يرفضه الله تعالى، فلمَّا أريد من إبنتي أو إبني أن يتركا أمرًا محرمًا يجب أن أقوم بإفهامهما لماذا هو مُحرَّم أصلاً، كما ويجب أن يعلما بأن الله ما حرَّم أمرًا إلا لأنه يضر بالإنسان ولا يأتي له بالخير مطلقا.
فمثلاً الغناء حرام.. لا يمكن أن أجعل هذا القرار ساري المفعول في المنزل إلا إذا جعلت ابنائي يتعرفون على أسباب تحريم الغناء وأضرار الإستماع إليه، ليس فقط الأدلة الدينية على تحريمه! لأن الأدلة وحدها من غير معرفة الأسباب العلمية والحكمة من التحريم لا تكفي لجيل الانفتاح والتطور التكنولوجي!
هذه الحقيقة غائبة عن أذهان الكثير من الأمهات والآباء للأسف الشديد، لذلك نجد عنصر (النقاش الهادف والهادئ) غائب عن علاقات الآباء والأمهات بأبنائهم وبناتهم.
فالآباء والأمهات الملتزمين بتعاليم الدين الحنيف يجب أن يكونوا مثقفين ومُلمّين بكافة أنواع المعارف العلمية والدينية، وكذلك معرفة أساليب التربية والتعليم وليس فقط التزام ديني وإعطاء أوامر الحلال والحرام من دون المعرفة الصحيحة في ادارة النقاش أو الحوار مع أبنائهم!
تسألني بعض الأمهات كيف تكون لي ثقافة كاملة بحيث أوضح لأبنائي الحكمة أو الضرر من كل حرام؟! والفائدة والسبب من كل واجب شرعي؟
هل يجب أن أكون صاحبة شهادة مرموقة مثلا؟ هل يجب أن أكون طالبة أو أستاذة حوزوية؟ هل.. هل.. هل؟!
الثقافة في حقيقة الأمر هي ما يتمتع به المرء من قدرة على التواصل مع مجتمعه بشكل سليم وسلس، فالأم المثقفة داخل منزلها لا يشترط فيها أن تكون جامعية أو حوزوية بقدر ما يجب أن تكون عليه من وعي وفهم وإدراك لكيفية التعامل مع أولادها وترتبيتهم تربية صحيحة، وهذا يأتي من حرصها على أن تتزود هي بمختلف أنواع المعارف العلمية والدينية والتربوية لتتمكن من إيصال فكرة الدين بطريقة علمية وتربوية صحيحة.
ولا أظن أن هذا الأمر صعب في زمن الانترنت والحداثة والتطور!
فمن المنزل أستطيع أن أتعرف على أرقى أساليب النقاشات والحوارات المثمرة، ومن المنزل أستطيع أن أتعرف على الحكمة في تحريم كل صغيرة وكبيرة والحكمة من تشريع كل واجباتنا الدينية، بل ومن المنزل أستطيع أن أتعرف على الشبهات التي يبثها الآخرين حول ديننا الحنيف وما هي الردود على تلك الشبهات.. كل هذا بضغطة زر واحدة!
فالكتب الإلكترونية الحديثة تملأ مواقعنا الدينية، بل وحتى الكتب الورقية يمكن أن تصل إلى باب المنزل من دون عناء من خلال خدمة التوصيل، وكذلك يمكننا وبسهولة الاستماع إلى خُطب ومحاضرات المفكرين عن أساسيات التربية ومقومات علاقة الأبناء مع آبائهم وأمهاتهم، وبالتالي مقومات علاقة هؤلاء الأبناء مع ربهم وخالقهم.
فحتى يكون لأبنائنا علاقة متينة مع الخالق عز وجل مثلما نريد ونتمنى، يجب أن تكون لدينا في البدء علاقة متينة معهم تجعلهم واثقين ومتيقنين بكل ما نخبرهم به عن الله تعالى، وحتى يحبوا الله ويسعوا لمرضاته يجب أن نجعلهم يحبوننا ويحترموننا بل ويثقون بثقافتنا وإدراكنا لحقيقة الحياة.
بعد كل هذا هل سيلتزم جميع ابنائي بتعاليم الله تعالى؟ وإن التزموا جميعهم هل سيبقون ثابتين على التزامهم هذا إلى آخر حياتهم؟!
هنا يأتي دور الدعاء وتفويض الأمر لله تعالى والتوكل عليه والتسليم بما يقدره لنا ولابنائنا في أمر الدنيا والآخرة.. فعلى الآباء والأمهات أن لا يتركوا الدعاء لأولادهم مطلقاً فطريق الهداية ليس بهذه السهولة! والشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم كما يخبرنا بذلك رسول الله (صلى الله عليه وآله) فالثقافة وأساليب التربية وحدها لا تكفي إن لم يكن هناك مددًا ربانيًا يأتي من كثرة الدعاء والتوسل بالله تعالى والمعصومين عليهم السلام.
بقلم: رويدة الدعمي
بعد نشري لمقال (حفلات الأعراس) جاءني هذا السؤال:
ما هي الأمور والمقاييس التي نتبعها في تربية بناتنا؟
والجواب سيكون في البدء عن تربية البنات ثم نتطرق لتربية الأبناء بصورة عامة ليكون الموضوع أشمل وأنفع بإذن الله تعالى.
الجواب:
الأم الحريصة والمثقفة تحاول دائمًا أن تكون الصديقة المقربة لبناتها أكثر من كونها أم أو مرشدة أو موجهة لهن..
فالفتيات دائمًا بحاجة إلى من يستمع إليهن أكثر مما يستمعن منه، فإن حرصت الأم على الاستماع لابنتها منذ الصغر وعدم الزمجرة في وجهها على كل صغيرة وكبيرة ستطمئن تلك البنت لأمها وستحبها وتحترمها أكثر مما تخافها وتهابها، فالحب هو من يولد حالة الصداقة والاطمئنان وليس الخوف والحذر المستمر!
الأمر المهم في تلك الصداقة أن تقوم الأم بتوضيح أخطاء ابنتها بكل لين وهدوء ويكون الحد الفاصل في رفض الخطأ هو الحلال والحرام.. لكن بشرط!
أن تعرف ابنتي لماذا حرَّم الله تعالى هذا الأمر؟ فما الفائدة أن أقول لها هذا حرام لا تفعليه ثم ما إن أغيب عنها ستتجرأ على فعله؛ لأنها تراه أمرًا عاديًا لا ضرر فيه؟!
لذلك دائمًا ما أنصح أخواتي الأمهات أن تكن الواحدة منهن على قدر عالٍ من الثقافة الدينية بحيث تعرف الحكمة من كل حرام يرفضه الله تعالى، فلمَّا أريد من إبنتي أو إبني أن يتركا أمرًا محرمًا يجب أن أقوم بإفهامهما لماذا هو مُحرَّم أصلاً، كما ويجب أن يعلما بأن الله ما حرَّم أمرًا إلا لأنه يضر بالإنسان ولا يأتي له بالخير مطلقا.
فمثلاً الغناء حرام.. لا يمكن أن أجعل هذا القرار ساري المفعول في المنزل إلا إذا جعلت ابنائي يتعرفون على أسباب تحريم الغناء وأضرار الإستماع إليه، ليس فقط الأدلة الدينية على تحريمه! لأن الأدلة وحدها من غير معرفة الأسباب العلمية والحكمة من التحريم لا تكفي لجيل الانفتاح والتطور التكنولوجي!
هذه الحقيقة غائبة عن أذهان الكثير من الأمهات والآباء للأسف الشديد، لذلك نجد عنصر (النقاش الهادف والهادئ) غائب عن علاقات الآباء والأمهات بأبنائهم وبناتهم.
فالآباء والأمهات الملتزمين بتعاليم الدين الحنيف يجب أن يكونوا مثقفين ومُلمّين بكافة أنواع المعارف العلمية والدينية، وكذلك معرفة أساليب التربية والتعليم وليس فقط التزام ديني وإعطاء أوامر الحلال والحرام من دون المعرفة الصحيحة في ادارة النقاش أو الحوار مع أبنائهم!
تسألني بعض الأمهات كيف تكون لي ثقافة كاملة بحيث أوضح لأبنائي الحكمة أو الضرر من كل حرام؟! والفائدة والسبب من كل واجب شرعي؟
هل يجب أن أكون صاحبة شهادة مرموقة مثلا؟ هل يجب أن أكون طالبة أو أستاذة حوزوية؟ هل.. هل.. هل؟!
الثقافة في حقيقة الأمر هي ما يتمتع به المرء من قدرة على التواصل مع مجتمعه بشكل سليم وسلس، فالأم المثقفة داخل منزلها لا يشترط فيها أن تكون جامعية أو حوزوية بقدر ما يجب أن تكون عليه من وعي وفهم وإدراك لكيفية التعامل مع أولادها وترتبيتهم تربية صحيحة، وهذا يأتي من حرصها على أن تتزود هي بمختلف أنواع المعارف العلمية والدينية والتربوية لتتمكن من إيصال فكرة الدين بطريقة علمية وتربوية صحيحة.
ولا أظن أن هذا الأمر صعب في زمن الانترنت والحداثة والتطور!
فمن المنزل أستطيع أن أتعرف على أرقى أساليب النقاشات والحوارات المثمرة، ومن المنزل أستطيع أن أتعرف على الحكمة في تحريم كل صغيرة وكبيرة والحكمة من تشريع كل واجباتنا الدينية، بل ومن المنزل أستطيع أن أتعرف على الشبهات التي يبثها الآخرين حول ديننا الحنيف وما هي الردود على تلك الشبهات.. كل هذا بضغطة زر واحدة!
فالكتب الإلكترونية الحديثة تملأ مواقعنا الدينية، بل وحتى الكتب الورقية يمكن أن تصل إلى باب المنزل من دون عناء من خلال خدمة التوصيل، وكذلك يمكننا وبسهولة الاستماع إلى خُطب ومحاضرات المفكرين عن أساسيات التربية ومقومات علاقة الأبناء مع آبائهم وأمهاتهم، وبالتالي مقومات علاقة هؤلاء الأبناء مع ربهم وخالقهم.
فحتى يكون لأبنائنا علاقة متينة مع الخالق عز وجل مثلما نريد ونتمنى، يجب أن تكون لدينا في البدء علاقة متينة معهم تجعلهم واثقين ومتيقنين بكل ما نخبرهم به عن الله تعالى، وحتى يحبوا الله ويسعوا لمرضاته يجب أن نجعلهم يحبوننا ويحترموننا بل ويثقون بثقافتنا وإدراكنا لحقيقة الحياة.
بعد كل هذا هل سيلتزم جميع ابنائي بتعاليم الله تعالى؟ وإن التزموا جميعهم هل سيبقون ثابتين على التزامهم هذا إلى آخر حياتهم؟!
هنا يأتي دور الدعاء وتفويض الأمر لله تعالى والتوكل عليه والتسليم بما يقدره لنا ولابنائنا في أمر الدنيا والآخرة.. فعلى الآباء والأمهات أن لا يتركوا الدعاء لأولادهم مطلقاً فطريق الهداية ليس بهذه السهولة! والشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم كما يخبرنا بذلك رسول الله (صلى الله عليه وآله) فالثقافة وأساليب التربية وحدها لا تكفي إن لم يكن هناك مددًا ربانيًا يأتي من كثرة الدعاء والتوسل بالله تعالى والمعصومين عليهم السلام.