نقد كلام حسان الصومالي في مسألة العذر بالجهل(1)
قرأت ما قاله حسان أبي سليمان الصومالي، في رسالة منشورة له بعنوان: (الجواب المسبوك على سؤالات أهل الفيسبوك) المجموعة الثانية، وقد سئل عن رأيه بكتاب (إشكالية العذر بالجهل) لسلطان العميري، فكان مما قاله: "هذا الكتاب جزء من سلسلة صراع الجفاة"، واتهم فيه كاتبه بالانتقائية و"عدم النزاهة في سرد الأقوال"، وكان مما قاله للتدليل على هذا قوله:
"تراه يسرد أقوال ابن عثيمين، تاركًا لأقوال محمد بن إبراهيم، وابن باز في القضية"!
فيقال له: هل يلزمه أن ينقل هذا؟ حتمًا لا، فلو نقل أقوال الثلاثة لم يحصّل في هذا إجماعًا فاته، ولو ترك أقوالهم مع قول ابن عثيمين لم يتهم بأنه غير نزيه، ولو اختار أن ينقل عن واحدٍ منهم، لما كان عليه إشكال، فما علاقة هذا بعدم النزاهة والانتقائية؟
ومن لغته التي تدل على مرونة ذهنه، أنه يقول بأنه:
1-"يقيس قياس المشركين"!
2-وأن كتاب العميري "من الخطل، والفساد والإلحاد في دين الله"!
3-وأنه من "السفسطة، والتجهم والجاحظية"!
وبعد اتهامه بأنه أهل السفسطة، صوّر المسألة بالتالي:
"السفسطة العندية: أن الشرك لا حقيقة له موجودة في نفس الأمر إنما الشرك شيء إضافي يختلف باختلاف الأشخاص.
تقريرها: من قال: يا رفاعي اقض حاجتي واكشف كربتي إن كان عالماً أنه في شرك
فهو مشرك وما فعله شرك حقيقة، وإن كان جاهلًا بأن ما فعله شرك فليس بمشرك".
فيقال: هذا الرجل يقتبس من مصطلحات الفلاسفة ما لا يحسن فهمه، فالمقصود بالسفسطة أي الحكمة المموهة، والعِندية، من عِند، فيقول الرجل هذا عندي كذا وكذا، أي في نظري ورأيي، أي إن الحقائق الخارجية تابعة لتصورنا، فمن قال هذا عندي حديد، فالواقع المشار إليه حديد، وإن قال هو عندي خشب فهو كذلك، فهؤلاء يجعلون الواقع الموضوعي تابعًا لتصوراتنا.
فمن قال يا رفاعي افعل كذا وكذا، هل يقول العميري إنه لا يقول هذا عندي بل يقول يا الله مثلًا؟ فينفي حقيقة أنه قال؟ أو فعل؟ لا، إذن هذا لا علاقة له بالسفسطة العندية.
فالواقع نفسه لا ينكره من قال بالعذر بالجهل، فيقول فلان قال هذا، وفعل هذا كما هو في الواقع، لا يقول هو عندي لم يفعله ولم يقله.
فهذا الرجل لم يحرر موضع الخلاف بل آثر التشغيب فيه بمثاله، فما المبحث إذن؟
إنه في الحكم على الواقع، فيما قاله الشرع في الواقع، وليس الشرع هو الواقع نفسه، كما يوهم كلام هذا الرجل.
ويقال له، لو أن رجلًا صلى بلا وضوء، هل صحت صلاته؟ إن قال نعم، خالف النصوص والإجماع، وإن قال: لا، يقال له: رجل صلى في الواقع= وهو عندك لم يصلّ إن هذه سفسطة عندية على كلامك، ألم تزعم هذا في مثالك وذلك لعدم تفريقك بين الواقع وبين الحكم الشرعي على الواقع.
فإن ثبت هذا، يقال: قد يقع من رجلٍ فعل يصح لغة أن يقال فيه هو صلاة، لكنه في الشرع ليس من المصلّين.
ويقال له: دع عنك مسألة العذر بالجهل، هل يكفر عندك من ضرب حتى قال يا هبل، مكرهًا، إن قال: نعم خالف النصوص الصريحة في إعذار المكره، وإن قال: لا، يقال له: ولكنه لو قال هذا دون إكراه أكفرته، فأنت مسفسط على كلامك، فمرة يكفر، ومرة لا يكفر، باختلاف الأشخاص.
فمتى علم هذا يقال له: لو أردت الإنصاف لنزلت كلام مخالفك في العذر بالجهل، على عذرٍ تقول به أنت، وبحثت في اعتبار الشرع له من عدم اعتباره، لا أن تشغّب بمثل هذا الكلام.
ثم يقال له: إن على كلامك كل من عذر غيره بالجهل فهو من أهل السفسطة العندية، في أي مسألة كانت، فرعية أو أصلية، ومثاله ما قاله الشافعي:
"إذا أصاب الرجل جارية أمه وقال ظننتها تحل لي أُحلِف ما وطئها إلا وهو يراها حلالًا ثم درئ عنه الحد وأغرم المهر.
فإن قال: قد علمت أنها حرام عليّ قبل الوطئ ثم وطئتها حد.
ولا يقبل هذا إلا ممن أمكن فيه أنه يجهل مثل هذا فأما من أهل الفقه فلا".
(الأم، الشافعي، دار المعرفة، ج7/ص172.)
فهذا فعل فعلًا محرّمًا، درئ عنه الحد إن حسِب فعله حلالًا، وحُدَّ إن أقر بأنه يعرف الحرمة، وفرّق الشافعي بينه وبين من كان من أهل الفقه، فهل يرى هذا سفسطة عندية من أئمة المسلمين!
قرأت ما قاله حسان أبي سليمان الصومالي، في رسالة منشورة له بعنوان: (الجواب المسبوك على سؤالات أهل الفيسبوك) المجموعة الثانية، وقد سئل عن رأيه بكتاب (إشكالية العذر بالجهل) لسلطان العميري، فكان مما قاله: "هذا الكتاب جزء من سلسلة صراع الجفاة"، واتهم فيه كاتبه بالانتقائية و"عدم النزاهة في سرد الأقوال"، وكان مما قاله للتدليل على هذا قوله:
"تراه يسرد أقوال ابن عثيمين، تاركًا لأقوال محمد بن إبراهيم، وابن باز في القضية"!
فيقال له: هل يلزمه أن ينقل هذا؟ حتمًا لا، فلو نقل أقوال الثلاثة لم يحصّل في هذا إجماعًا فاته، ولو ترك أقوالهم مع قول ابن عثيمين لم يتهم بأنه غير نزيه، ولو اختار أن ينقل عن واحدٍ منهم، لما كان عليه إشكال، فما علاقة هذا بعدم النزاهة والانتقائية؟
ومن لغته التي تدل على مرونة ذهنه، أنه يقول بأنه:
1-"يقيس قياس المشركين"!
2-وأن كتاب العميري "من الخطل، والفساد والإلحاد في دين الله"!
3-وأنه من "السفسطة، والتجهم والجاحظية"!
وبعد اتهامه بأنه أهل السفسطة، صوّر المسألة بالتالي:
"السفسطة العندية: أن الشرك لا حقيقة له موجودة في نفس الأمر إنما الشرك شيء إضافي يختلف باختلاف الأشخاص.
تقريرها: من قال: يا رفاعي اقض حاجتي واكشف كربتي إن كان عالماً أنه في شرك
فهو مشرك وما فعله شرك حقيقة، وإن كان جاهلًا بأن ما فعله شرك فليس بمشرك".
فيقال: هذا الرجل يقتبس من مصطلحات الفلاسفة ما لا يحسن فهمه، فالمقصود بالسفسطة أي الحكمة المموهة، والعِندية، من عِند، فيقول الرجل هذا عندي كذا وكذا، أي في نظري ورأيي، أي إن الحقائق الخارجية تابعة لتصورنا، فمن قال هذا عندي حديد، فالواقع المشار إليه حديد، وإن قال هو عندي خشب فهو كذلك، فهؤلاء يجعلون الواقع الموضوعي تابعًا لتصوراتنا.
فمن قال يا رفاعي افعل كذا وكذا، هل يقول العميري إنه لا يقول هذا عندي بل يقول يا الله مثلًا؟ فينفي حقيقة أنه قال؟ أو فعل؟ لا، إذن هذا لا علاقة له بالسفسطة العندية.
فالواقع نفسه لا ينكره من قال بالعذر بالجهل، فيقول فلان قال هذا، وفعل هذا كما هو في الواقع، لا يقول هو عندي لم يفعله ولم يقله.
فهذا الرجل لم يحرر موضع الخلاف بل آثر التشغيب فيه بمثاله، فما المبحث إذن؟
إنه في الحكم على الواقع، فيما قاله الشرع في الواقع، وليس الشرع هو الواقع نفسه، كما يوهم كلام هذا الرجل.
ويقال له، لو أن رجلًا صلى بلا وضوء، هل صحت صلاته؟ إن قال نعم، خالف النصوص والإجماع، وإن قال: لا، يقال له: رجل صلى في الواقع= وهو عندك لم يصلّ إن هذه سفسطة عندية على كلامك، ألم تزعم هذا في مثالك وذلك لعدم تفريقك بين الواقع وبين الحكم الشرعي على الواقع.
فإن ثبت هذا، يقال: قد يقع من رجلٍ فعل يصح لغة أن يقال فيه هو صلاة، لكنه في الشرع ليس من المصلّين.
ويقال له: دع عنك مسألة العذر بالجهل، هل يكفر عندك من ضرب حتى قال يا هبل، مكرهًا، إن قال: نعم خالف النصوص الصريحة في إعذار المكره، وإن قال: لا، يقال له: ولكنه لو قال هذا دون إكراه أكفرته، فأنت مسفسط على كلامك، فمرة يكفر، ومرة لا يكفر، باختلاف الأشخاص.
فمتى علم هذا يقال له: لو أردت الإنصاف لنزلت كلام مخالفك في العذر بالجهل، على عذرٍ تقول به أنت، وبحثت في اعتبار الشرع له من عدم اعتباره، لا أن تشغّب بمثل هذا الكلام.
ثم يقال له: إن على كلامك كل من عذر غيره بالجهل فهو من أهل السفسطة العندية، في أي مسألة كانت، فرعية أو أصلية، ومثاله ما قاله الشافعي:
"إذا أصاب الرجل جارية أمه وقال ظننتها تحل لي أُحلِف ما وطئها إلا وهو يراها حلالًا ثم درئ عنه الحد وأغرم المهر.
فإن قال: قد علمت أنها حرام عليّ قبل الوطئ ثم وطئتها حد.
ولا يقبل هذا إلا ممن أمكن فيه أنه يجهل مثل هذا فأما من أهل الفقه فلا".
(الأم، الشافعي، دار المعرفة، ج7/ص172.)
فهذا فعل فعلًا محرّمًا، درئ عنه الحد إن حسِب فعله حلالًا، وحُدَّ إن أقر بأنه يعرف الحرمة، وفرّق الشافعي بينه وبين من كان من أهل الفقه، فهل يرى هذا سفسطة عندية من أئمة المسلمين!