Forward from: بداية السبيل:《قناة الشيخ أبي سلمان الصومالي》
وقال القاضي أبو يعلى الحنبلي رحمه الله:
«حكى على قدامة بن مظعون وعَمْرو بن مَعْدي كَرِبَ أنهما كانا يقولان: الخمرُ مُبَاحَةٌ، ويحتجَّان بقوله تعالى: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} قالا: قد آمنَّا وعملنا الصالحات فلا جناح علينا فيما طَعِمنا.
فلم تكفِّرْهما الصحابة بهذا القول، وبَيَّنوا لهما الحكمَ في ذلك؛ لأنه لم يكنْ قد ظهرتْ أحكامُ الشريعة في ذلك الوقت ظهورًا عامًّا، ولو قال بعض المسلمين في وقتنا هذا لكفَّرناه؛ لأنه قد ظهر تحريمُ ذلك....
كذلك قد قيل في مانعي الزكاة: إنهم على ضَرْبين؛ منهم من حُكِم بكفره، وهم من آمن بِمُسَيْلَمَةَ وطُلَيْحة والعَنْسي. ومنهم من لم يُحْكمْ بكفره وهم من لم يؤمنوا بهم لكن منعوا الزكاة، وتأوَّلوا أنها كانت واجبةً عليهم؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يُصلَّي عليهم، وكانت صلاتُه سكنًا لهم، قالوا: وليست صلاةُ ابنِ أبي قحافة سَكَنًا لنا، فلم يُحْكَمْ بكفرهم؛ لأنه لم يكنْ قد انتشرتْ أحكامُ الإسلام، ولو منعها مانعٌ في وقتنا حُكِم بكفره».
واعتبره الإمام ابن القيم (751هـ) من بدائع فوائد القاضي أبي يعلى العلمية فأورده في كتابه الفذ: (بدائع الفوائد) (3/ 1010- 1011).
ذكر هذا الأصل مفسّرا مبيّنا الإمام الخطابي في (معالم السنن) و (أعلام الحديث) فليراجعه من شاء.
وحرف المسألة: أنّ الجهل بالشرائع ليس كفرا، وأن التأويل السائغ نوع من الجهل بالشرائع، وغير السائغ نوع من التكذيب لأخبار الله.
وأن الاستحلال نوعان: نوع لا يوجب الكفر لأنه جهل بالشرائع، ونوع يوجب الكفر؛ لأنه جحد وتكذيب، فلا يكفر الأوّل لانتفاء مناط الكفر، بخلاف الثاني فإنه كافر لوجود المناط.
الوجه الثاني: القصة دليل على إجماع الصحابة على عدم العذر بالتأويل الفاسد وإن كان سائغا في الحدود، فما ظنك في الكفر الأكبر؛ لأن الشيء إذا لم يمنع الأصغر لم يقو على دفع الأكبر من باب أولى.
ذلك أن الصحابة أجمعوا على إقامة حد الخمر على قدامة إلا أنهم اختلفوا في إقامته عليه وهو مريض؛ فانقلبت القصة على أتباع الجاحظ لكن القوم لا يفقهون قواعد الاستدلال ومسالك الحجاج.
«حكى على قدامة بن مظعون وعَمْرو بن مَعْدي كَرِبَ أنهما كانا يقولان: الخمرُ مُبَاحَةٌ، ويحتجَّان بقوله تعالى: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} قالا: قد آمنَّا وعملنا الصالحات فلا جناح علينا فيما طَعِمنا.
فلم تكفِّرْهما الصحابة بهذا القول، وبَيَّنوا لهما الحكمَ في ذلك؛ لأنه لم يكنْ قد ظهرتْ أحكامُ الشريعة في ذلك الوقت ظهورًا عامًّا، ولو قال بعض المسلمين في وقتنا هذا لكفَّرناه؛ لأنه قد ظهر تحريمُ ذلك....
كذلك قد قيل في مانعي الزكاة: إنهم على ضَرْبين؛ منهم من حُكِم بكفره، وهم من آمن بِمُسَيْلَمَةَ وطُلَيْحة والعَنْسي. ومنهم من لم يُحْكمْ بكفره وهم من لم يؤمنوا بهم لكن منعوا الزكاة، وتأوَّلوا أنها كانت واجبةً عليهم؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يُصلَّي عليهم، وكانت صلاتُه سكنًا لهم، قالوا: وليست صلاةُ ابنِ أبي قحافة سَكَنًا لنا، فلم يُحْكَمْ بكفرهم؛ لأنه لم يكنْ قد انتشرتْ أحكامُ الإسلام، ولو منعها مانعٌ في وقتنا حُكِم بكفره».
واعتبره الإمام ابن القيم (751هـ) من بدائع فوائد القاضي أبي يعلى العلمية فأورده في كتابه الفذ: (بدائع الفوائد) (3/ 1010- 1011).
ذكر هذا الأصل مفسّرا مبيّنا الإمام الخطابي في (معالم السنن) و (أعلام الحديث) فليراجعه من شاء.
وحرف المسألة: أنّ الجهل بالشرائع ليس كفرا، وأن التأويل السائغ نوع من الجهل بالشرائع، وغير السائغ نوع من التكذيب لأخبار الله.
وأن الاستحلال نوعان: نوع لا يوجب الكفر لأنه جهل بالشرائع، ونوع يوجب الكفر؛ لأنه جحد وتكذيب، فلا يكفر الأوّل لانتفاء مناط الكفر، بخلاف الثاني فإنه كافر لوجود المناط.
الوجه الثاني: القصة دليل على إجماع الصحابة على عدم العذر بالتأويل الفاسد وإن كان سائغا في الحدود، فما ظنك في الكفر الأكبر؛ لأن الشيء إذا لم يمنع الأصغر لم يقو على دفع الأكبر من باب أولى.
ذلك أن الصحابة أجمعوا على إقامة حد الخمر على قدامة إلا أنهم اختلفوا في إقامته عليه وهو مريض؛ فانقلبت القصة على أتباع الجاحظ لكن القوم لا يفقهون قواعد الاستدلال ومسالك الحجاج.