.
استمعت لجواب فضيلة الشيخ أبي قتادة -حفظه الله- على من اتهم أبي -رحمه الله- بفصل التربية عن الجهاد، وتقديم التربية عليه؛ ورأيت في هذا الجواب تعبيرًا دقيقًا ؛ فقد تحدث الشيخ عن أبي وكأن أبي يتحدث عن نفسه ، وقال ما كان يتمنى أبي تحقيقه
https://youtu.be/Cn7Wb21kGq4 ومما يؤكد جواب الشيخ = ما علمته من أبي بالمشاهدة والممارسة ، ولعل ذكره يكون نافعًا -إن شاء الله- للمهتمين بكتاباته وبموقع الجهاد منها
المبدأ الذي انطلق منه أبي للعمل لدين الله= هو التماس جوانب الخير والصلاح والصواب في كل من يعمل لدين الله، ثم العمل على تكامل العاملين ، فإن لم يستطع فالعمل على اجتناب تعارضهم ،والحذر من ضرب بعضهم ببعض ، حتى لا يشتعل في اﻷمة صراع داخلي يؤثر على صراعها مع أعدائها ؛ وذلك ﻹيمانه بأن المنهج الكامل المُنزَّه عن الخطأ= موجود في مجموع اﻷمة -وإن لم يتحقق في جميعها- ولا يحيط به إلا نبيّ ، و أن حَمْل اﻷمة على منهج جماعة -فضلًا عن شخص- هو وضع للكل في الجزء ، وهذا ممتنع عقلًا وشرعًا
لهذا فإنه كان ينظر لنفسه على أنه أثر من آثار مَن سبقوه؛ وقد نصّ على ذلك لما أكثر أحد السابقين له مِن مَدْحه فقال له: أنا أثر من آثاركم
ولم يكن ينظر لكلماته على أنها محركة للواقع بقدر ما كان ينظر إلى مسئوليته تجاه تلك الكلمات
أذكر أنه سمع كلمة للشيخ أسامة بن لادن -رحمه الله- ذكر فيها بعضًا من كتاب أصحاب اﻷخدود ، فرأيت على وجهه فرحًا ثم حزنًا فسألته عن سببه فقال لي: الشيخ أسامة عاوز يقوللي : انت فين؟ ؛ وأنا الذي كنت أظن -بعقلي الصغير- أن أبي سيقول: كتبي في جبال أفغانستان
وكان ينظر لمن بعده على أنهم اﻷحق بإكمال المسير وحمل الراية ؛ فقد سألته -وأنا في السجن- عن حال الدعوة فقال لي مستبشرًا فرحًا : الجيل الجديد أفضل مننا بكتير ؛ وسمّى لي بعض العاملين ، فلما خرجت تعرفت عليهم وعرّفوا بأنفسهم أنهم تلامذة الشيخ رفاعي
ملاحظة:لم يتعامل أبي مع أحد- مطلقًا- تعامُل الشيخ مع تلميذه ، ولم أسمعه في حياتي كلها يقول عن أحد " تلميذي" ، وكثيرًا ما كان يحدثه مَن هو دونه فيقول له أبي : أستأذنك اكتب الكلام ده منك
وشواهد التماسه لمواطن الخير في الجماعات على اختلاف مناهجها =كثيرة ؛ أذكر منها:
لما كنت صغيرًا قلت له: جماعة التبليغ لا يعملون شيئًا غير إدخال الناس المسجد؛ فقال لي: دعهم يُدخلون الناس المسجد وعليك أنت بدعوتهم في المسجد ؛ وكان من حسن تعامله معهم أن تأثر به أحدهم تأثرًا شديدًا فتم القبض عليه -لكثرة زيارته لأبي-وهو يعاني من مرض شديد ، وفاضت روحه تحت التعذيب ؛ رحمه الله وتقبله في الشهداء
ولما عاتبه أحدهم على مودته لبعض الغلاة قال له: هؤلاء يمثلون جهاز إنذار لمن يهم بالانحراف
وكان كثيرًا ما يحكي لنا -ونحن صغار- عن بطولات الجماعة اﻹسلامية وجماعة الجهاد ، وكان لا يميّز بينهما مطلقًا في الكلام حتى كان يختلط علينا القادة من الجماعتين؛ ولما دخلت السجن علمت أنه كان يؤذى إيذاءً شديدًا -بسبب مسألة العذر بالجهل- على يد من كان يحكي بطولاتهم
وكثيرًا ما كان يذكر للإخوان فضلهم وسبقهم في رفع الراية بعد سقوط الخلافة وصبرهم على سنوات المحنة في سجون عبد الناصر
واكثر كلمة كررها في آخر أيام حياته : لا صراع مع مسلم
لهذا فإن كتابات أبي -رحمه الله - كان الغرض منها إحياء دور الأمة وليس إحياء منهج جماعة؛ واتخاذه الجهاد محورًا فيها لم يكن الغرض منه مخاطبة جماعة بقدر ما كان الغرض منه إثبات محورية الجهاد لإحياء الأمة
وهذه الروابط المرفقة فيها بيان لمحورية الجهاد في أول كتاباته وأوسطها وآخرها
https://t.me/omarefaee/85https://t.me/omarefaee/86https://t.me/omarefaee/90https://t.me/omarefaee/93وكان آخر كلمة كتبها =إن الطواغيت لا تؤثر فيهم تلك الفاعليات الرمزية ماداموا آمنين في قصورهم؛ فينبغي أن نبايع لا على الجهاد بل على الموت في سبيل الله
كتبها وتركها على المصحف الذي كان يقرأ فيه ثم ذهب للصلاة وفاضت روحه في المسجد بعد الوضوء لصلاة العصر،وصلّى عليه قيادات من جميع التيارات الإسلامية التي كان يسعى لتكاملها في حياته.
رحم الله أبي وحفظ الله شيخنا أبا قتادة