فصل في قوله تعالى ((ألم ترى إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالاً بعيداً)) [سورة النساء60]
1-أسباب النزول :
جاء في أسباب نزول الآية :[أن رجل من المنافقين كان بينه وبين يهودي خصومة،فقال اليهودي :انطلق بنا إلى محمد وقال المنافق :بل إلى كعب بن الأشرف، فأبا اليهودي، فأتيا إلى النبي - صلى الله عليه - فقضى لليهودي، فلما خرجا، قال المنافق :ننطلق لعمر بن الخطاب فأقبلا إليه ،فقصّا عليه القصة، فقال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - :رويداً حتى أخرج إليكما، فدخل البيت فاشتمل على السيف وقطع به رأس المنافق حتى برد، وقال :هكذا أقضي بين من لم يرض بقضاء الله ورسوله.] فنزلت الآية. وراه أبو صالح عن ابن عباس.
2-بعض أقوال أهل العلم في الآية
-قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - :[ذم الله عز وجل المدعين الإيمان بالكتب كلها ويتركون التحاكم إلى الكتاب والسنة، ويتحاكمون إلى بعض الطواغيت المعظَمة من دون الله، كما يصيب ذلك كثيراً ممن يدعون إلى الإسلام وينتحلونه ويتحاكمون إلى بعض مقالات الصائبة الفلاسفة أو غيرهم، أو سياسة بعض الملوك الخارجين عن الإسلام من ملوك الترك أو غيرهم، وإذا قيل لهم تعالوا إلى الكتاب والسنة أعرضوا عن ذلك إعراضاً] مجموع الفتاوى
-يقول الشيخ العلامة محمد بن إبراهيم آل الشيخ :[فإن قوله تعالى "يزعمون" تكذيب لما ادعوه من الإيمان، فإنه لا يجتمع تحاكم إلى غير ما جاء به النبي - صلى الله عليه وسلم - مع الإيمان في قلب عبدٍ أصلاً، بل أحدهما ينافي الآخر، وتأمل قوله تعالى :"ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالاً بعيداً" كيف دل ذلك على أن هذا من الضلال وهؤلاء القانونيون يرونه من الهدى ] [رسالة تحكيم القوانين] .
- قال العلامة الشنقيطي-رحمه الله :[والعجب ممن يُحكّم غير تشريع الله ثم يدعي الإسلام] [أضواء البيان الجزء الثالث] اهـ