" للهِ سَنَمْضِي "


Channel's geo and language: not specified, not specified
Category: not specified


“ وليستِ الحياةُ بعددِ السِنينِ ولكنّها بعددِ المَشاعرِ ؛ لأنَّ الحياةَ ليستْ شئٌ آخر غيرَ شُعورِ الإنسانِ بالحياةِ ”

Related channels  |  Similar channels

Channel's geo and language
not specified, not specified
Category
not specified
Statistics
Posts filter


كُتبٌ لمَنْ يُريد القراءة ، فبها خيرٌ كثيرٌ ان شاء الله :

1- لماذا نحن هُنا؟
https://cutt.ly/ZyLQIiD
( هذا الكتاب كان في مشروع تبيانًا لكُل شيءٍ ، وهُو مُفيدٌ لمَنْ لديه شُكوكٌ في وجود اللهِ ، ويُناقش كذلك النظريات الالحادية ونقدها بصُورة علمية قوية ، وهذا كتابٌ هامٌ جدًا لمَنْ سقط في الشُكوك الكثيرة ، وأقترحُ أن يقرأه غيرُ الشاكٍّ لأنه سينظر للعالم بصُورة مُختلفة جدًا وسيشعر بالراحة واليقين بإذن الله )

2- حفظ العُمر لابن الجَوزي
https://cutt.ly/IyLQIVv

3- هكذا عاشوا مع القُرءان
https://ia800306.us.archive.org/14/items/haqqmhaqqm/haqqm.pdf

4- صيد الخاطر لابن الجَوزي
https://ia902609.us.archive.org/3/items/WAQsaidkhater/saidkhater.pdf

5- الزُهد
https://ia800307.us.archive.org/8/items/waq13848/13848.pdf

6- الدليل الى القُرءان
https://cutt.ly/lyLQDlD

7- روضة المُحبين ونُزهة المُشتاقين
https://ia800909.us.archive.org/17/items/WAQ112713s/112713s.pdf

8- الغُرباء
https://ia600908.us.archive.org/28/items/tammktktammktk/khurbaa.pdf

9- الوابل الصيّب من الكَلِمِ الطيّب
https://ia800503.us.archive.org/33/items/waq9341/9341.pdf

10- خواطر فتى لم يرحل
https://drive.google.com/file/d/1Rg21owxrDvsYvxjW2VyfUdp8Sip8a44r/view

11- سباق نحو الجنان
https://cutt.ly/fyLQH9z

12- جدّد حياتك
https://cutt.ly/cyLQJOf

13- لأنك اللهُ
https://cutt.ly/pyLQKsQ

14- مِنهاج القاصدين
https://ia803008.us.archive.org/6/items/WAQ110051/110051.pdf

15- الثبات عند الممات
https://cutt.ly/0yLQLCI

16- الهِمة طريق الى القِمة
https://ia800500.us.archive.org/7/items/waq38645/38645.pdf

17- موسوعة ابن أبي الدُنيا
https://waqfeya.com/book.php?bid=9026
( ستجد روابط التحميل تحت كلمة : التحميل المُباشر ، وهذه الموسوعة بها عِدة كُتب مثل الجزء الأول: الإخلاص - الأولياء ، الجزء الثاني: التهجد وقيام الليل - ذم المسكر ، وهكذا )

18- كُتب الشيخ علي طنطاوي
https://cutt.ly/7yLQCNG


الليلُ يَسكُنُ في الدُنا ويُخيّـمُ
والكَوْنُ بالصَمتِ المُريب مُسوّمُ
واليأس عاتٍ والمآسي جمّةٌ
والنفسُ مِن أعماقِها تَستَفِهِمُ
حرفي ذوى كيف الفصاحةُ بعده
لُغتِي يُقاتِلُها الزمانُ الأبكمُ
من أينِ يفتخر القصيد ويرتدي
لحنَ الإباء وأُمّتي تَستَلِمُ
أم كيف يفخرُ والمَواجِعُ ثرّةٌ
ورؤى نَزيفُ جِراحِها تَتشاءمُ

هذا هو التاريخ يروي مَجدنا
ويُعِيدُ مَاضينا فما يَتلَعْثمُ
يَختالُ في زَهْوٍ ويَشهدُ أنّنا
رُغمَ المَصائب أُمَّةٌ لا تُهزَمُ
فإذا رآنا ظَلَّ يَبكِي ناعيًا
زَمنَ الإباءِ ووَجهُه مُتجَهِّـمُ


يا أيّها التاريخُ سَلنِي ما دَهَى
راعي الشُعوبِ فباتَ يَغفُلُ عنهُمُ
سَلنِي عن الأوطان كيف تَمزّقَتْ
إذ ما خلا من سَاحِهنّ مُقاوِمُ
سَلني عن الرَكبِ الشَريدِ أمَا لهُ
مِن وِجهةٍ يَعدُو لها ويُـيمَّـمُ
سَلني عن الزُوَّار للأقصَى فهل
جاؤوا له قبل الضَياع يُسلِّموا؟

سَلنِي عن الأطفالِ غَابَ مُعيلهمْ
في عالمـِ المَوْتَى ، لماذا يُتّمُوا؟
إني لأسمَعُ للقَوافِي وَقْعَها
نَغَـمًا وأسمعُ للرَصاصِ تَـرَنُّمُ
وأرَى العُروبةَ وَيْحَها ! لم تَرعوِي
رَقصَتْ على أَلحانِ حَربٍ تُؤلِمُ
وأرى الضَحايا مُزِّقَتْ أشلاؤُها
وأرى السُفوحَ وقد جَرَى فيها الدَمُ
وأرى الأَبيَّ هو السَجينُ بمَوْطنِي
أمّا الطَليقُ الحُرُّ فهْو المُجرِمُ

هَذِي بلادُ المسُلمين مَساجدٌ
ومآذنٌ تَهوِي ، وصَرَحٌ يُهدَمُ
كَشمير تَرقَبُ فارسًا يبدي لها
نَصرًا يُضِيءُ دُجَى مَساها المُعتِمُ
بُورمَا تَستَجدِي أُناسًا ما بهم
مِن غَزنويّ يُرتَجَى أو يُرحَمُ
قَتَلَ العَدا جَمعًا يُوحِّدُ رَبَّه
والنارَ في أجسامِهم قد أَضَرمُوا
وصَدَى أنينِ أَحبّتي يَحكِي لنا
مَأساةَ أرضٍ عَاث فيها الظالِمُ
وابُـؤسها تلك الرُبوعُ فكم بها
من غادةٍ وعَفيفةٍ تَستَعصِمُ

انظُرْ تَرَى المِليارَ كيف تَخَاذَلُوا
سَمِعُوا النِدا لَكنّهم قد أُلجِمُوا
وتَرَى الهَوان وقد أناخَ بدَارِهمْ
وترَى القُوَى خارَتْ وكُلّ َالمِعصَمُ
وتأمّلْ القُدسَ الحَزينةَ كي تَرَى
في المَسجدِ الأقصَى عَدوٌّ جاثِمُ

مِن أين تُنصَرُ أُمّةٌ تأبَى العُلا
وعلى بلاد الأنبياء تُساوِمُ؟
من أين تُنصَرُ أُمّةٌ ذا حالِها
تَهوَى العَذابَ وتَستَطِيبَ العَلْقَمُ

فَتياتُها أخذَتْ تَحِيدُ عن الهُدَى
وشَبابُها بحُطامـِ دُنيا مُغْرَمُ
والبِدعةُ انتشَرتْ وليس يُبيدُها
تَيميّـة المِعطاءُ وابنُ القَيّمُ
كم نَاعِقٍ زَعَمَ السُفورِ كَرامةً
ويَظلُّ يَدعُو للخَنا لا يَسأْمُ
كم مِن بَغيٍّ رامَ نَزعَ عَقيدةٍ
غرّاء تَهدي مَنْ غَوُوْا أو مَنْ عَمُوا

أفبَعدَ ذا نَدعُو الإلهَ ونبتغي
مِن عِندِه النَصرَ المُؤزَّرَ يَقدُمُ؟
لا ، لن نَرَى وَجهَ الحقيقة بازغًا
مادام يَغشَانا الظَلامُ القَاتِمُ

فالله ليس مُغيّرًا قَوْمًا طَغُوْا
حتى يَهمُّوا بالصَلاحِ ويُسلِمُوا
فمتَى نَرَى نَجلَ المُثنَّى هَاتِفًا :
تِـهْ أيّها التَارِيخُ ؛ إنّي مُسلِمُ

أنا قِصّةٌ من أَحرفِ النُور الذي
دانَتْ له شَمسُ الضُحَى والأَنْجُمُ
أنا مُقْـلَـةٌ تَسقِي الرُبُوعَ بمَائِها
لتَرَى البلادَ خَريطةً تَتبسَّـمُ

أنا صَرخةٌ دَوَّتْ بآفاقِ الفَضا
وسَرَتْ به كيْمَا يَفِيقُ العالَمُ
أنا مَنْ أخوضُ الحَربَ وهْي شَديدةٌ
وأَرُومُها ، والخيلُ عنها تُحجَمُ
أنا بُغيَتِي عند النِزالِ شَهادةٌ
أُعطَى بها الفِردَوْسَ فيها أَنْعَمُ
أو نَصرَ دِيني فهْو غايةُ مُهجتِي
حتى يَدينَ له العَدوُّ الغاشِمُ
حَسبِي مِن الدُنيا بأنّي مُسلِمٌ
لله والإسلامِ أحيا خَادِمُ

- للمُنشد : سُرور الرُوقي .


"ولا يجوز لَوْمَ التائبِ بإتفاقِ الناسِ ، إذا أظهر التوبةَ أظهرنا له الخَيْرَ "

= شيخُ الإسلام ابنُ تيمية رحمه اللهُ .


" حَتَّىٰ إِذَا فَتَحْنَا عَلَيْهِم بَابًا ذَا عَذَابٍ شَدِيدٍ إِذَا هُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ "

جاء في تفسير القُرطبي رحمه اللهُ :
قال عِكرمة : هو بابٌ من أبواب جهنم ، عليه من الخزنة أربعمائةُ ألف ، سُود وُجوههم ، كالِحةٌ أنيابُهم ، وقد قَلعتْ الرَحمةُ من قلوبهم ؛ إذا بَلغُوه فَتحَه اللهُ - عزّ وجلّ - عليهم .

وقال ابنُ عباس : هو قَتلُهم بالسيف يوم بدر .
وقال أيضًا : قد مَضَى ، كان يوم بدر.

وعن مُجاهد : هو القَحطُ الذي أصابهم حتى أَكلُوا العلهز من الجُوع .

وقال الامامُ الطَبري رحمه اللهُ :
وهذا القَوْلُ الذي قاله مُجاهد : أَولى بتأويل الآية، لصحة الخبر الذي ذكرناه قبل عن ابن عباس، أن هذه الآية نـزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم في قصة المجاعة التي أصابت قريشًا؛ بدُعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهم، وأمر ثُمامة بنَ أثال، وذلك لا شك أنه كان بعد وقعةِ بدر.
وقوله : ( إِذَا هُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ ) يقول : إذا هؤلاء المشركون فيما فتحنا عليهم من العذاب حَزنَى نادِمون على ما سَلَفَ منهم، في تكذيبهم بآيات الله، في حين لا ينفعهم الندم والحزن.


" الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ "

ثم ذَكَرَ تعالى علامةَ المُؤمنين فقال: { الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ } أي: يَزولُ قلقُها واضطرابُها، وتَحضرها أفراحُها ولذاتُها.

{ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ } أي: حقيقٌ بها وحَريٌّ أن لا تَطمئِنَ لشيءٍ سِوَى ذِكره، فإنه لا شيء ألذُّ للقلوب ولا أشهَى ولا أحلى من مَحبة خالِقِها، والأنس به ومَعرفته، وعلى قدر مَعرفتها باللهِ ومَحبّتها له، يكون ذِكرُها له، هذا على القول بأن ذِكرَ الله، ذكر العبد لربه، من تسبيح وتهليل وتكبير وغير ذلك.

وقيل : إن المُراد بذكر الله كتابه الذي أنزله ذِكرى للمؤمنين، فعلى هذا معنى طمأنينة القلوب بذكر الله : أنها حين تعرف مَعاني القُرءَان وأحكامه تطمئن لها، فإنها تَدلُّ على الحق المُبين المُؤيّد بالأدلة والبراهين، وبذلك تطمئن القلوبُ، فإنها لا تطمئن القلوبُ إلا باليقين والعلم، وذلك في كتاب الله، مَضمون على أتمّ الوُجوه وأكملها، وأما ما سواه من الكتب التي لا ترجع إليه فلا تطمئن بها، بل لا تزال قلقة من تعارضِ الأدلة وتضاد الأحكام.

{ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا } ، وهذا إنما يعرفه مِن خَبرِ كتاب الله وتدبُّره، وتَدبُّر غيره من أنواع العلوم، فإنه يَجِدُ بَينها وبينه فرقًا عظيمًا.

- تفسيرُ الامام السَعدي رحمه اللهُ .


" قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ "

يخبر تعالى عباده المُسرِفين بسَعةِ كَرمِه، ويَحثُّهم على الإنابة قبل أن لا يَمكُنهم ذلك فقال: { قُلْ } يا أيّها الرَسولُ ومَنْ قام مَقامه مِن الدُعاة لدين اللّه، مُخبِرًا للعباد عن ربهم: { يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ } باتباع ما تدعوهم إليه أنفسهم من الذنوب، والسعي في مساخط علام الغيوب.

{ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ } أي: لا تيأسوا منها، فتُلقُوا بأيديكم إلى التَهلُكَة، وتقولوا قد كَثُرَتْ ذُنوبُنا وتَراكَمَتْ عُيوبُنا، فليس لها طريقٌ يُزِيلُها ولا سبيل يصرفها، فتبقون بسبب ذلك مُصرّين على العصيان، مُتزوّدين ما يغضب عليكم الرحمنُ، ولكن اعرفوا ربّكم بأسمائه الدالة على كرمه وجوده، واعلموا أنه يغفر الذنوب جميعًا من الشرك، والقتل، والزنا، والربا، والظلم، وغير ذلك من الذنوب الكبار والصغار.

{ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ } أي: وصفه المغفرة والرحمة، وصفان لازمان ذاتيان، لا تنفك ذاته عنهما، ولم تزل آثارهما سارية في الوجود، مالئة للموجود،.تسح يداه من الخيرات آناء الليل والنهار، ويوالي النعم على العباد والفواضل في السر والجهار، والعطاء أحب إليه من المنع، والرحمة سبقت الغضب وغلبته، .ولكن لمغفرته ورحمته ونيلهما أسباب إن لم يأت بها العبد، فقد أغلق على نفسه باب الرحمة والمغفرة، أعظمها وأجلها، بل لا سبب لها غيره، الإنابة إلى اللّه تعالى بالتوبة النصوح، والدعاء والتضرع والتأله والتعبد،. فهلم إلى هذا السبب الأجل، والطريق الأعظم.

- تفسيرُ الامام السَعدي رحمه اللهُ .


" وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَىٰ مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ "

ثم ذَكر اعتذارَهم لربهم من جناياتهم وذنوبهم، فقال: { والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم } أي: صدر منهم أعمال [سيئة] كبيرة، أو ما دون ذلك، بادروا إلى التوبة والاستغفار، وذكروا ربهم، وما توعد به العاصين ووعد به المتقين، فسألوه المغفرة لذنوبهم، والستر لعيوبهم، مع إقلاعهم عنها وندمهم عليها، فلهذا قال: { ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون }

- تفسيرُ الامام السَعديّ رحمه اللهُ .


" وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ "

قال الامامُ السَعدي رحمه اللهُ : ثُم أمرهم تعالى بالمُسارعة إلى مغفرته وإدراك جنته التي عَرضُها السماوات والأرض، فكيف بطُولِها التي أَعدّها اللهُ للمُتّقين، فهم أهلُها ، وأعمالُ التقوى هي المُوصِلة إليها .


" وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ "

يقول تعالى ذِكرُه : ولقد خلقنا الإنسانَ ونعلم ما تحدِّث به نفسه، فلا يَخفَى علينا سَرائِرَه وضمائر قلبه ( وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ ) يقول : ونحن أقربُ للإنسان من حبلِ العاتق، والوريد : عِرقٌ بين الحُلقوم والعلباوين، والحبل: هو الوريد، فأُضيف إلى نفسه لاختلاف لفظ اسميه.

وعن ابن عباس ، قوله ( وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ ) يقول : عِرقُ العُنقِ.

وعن مُجاهد ( حَبْلِ الْوَرِيدِ ) قال : الذي يكون في الحلق.

وقد اختلف أهلُ العربية في معنى قوله ( وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ ) فقال بعضُهم : مَعناه : نَحنُ أملكُ به، وأقربُ إليه في المَقدرة عليه.

وقال آخرون : بل مَعنى ذلك ( وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ ) بالعلم بما تُوَسْوس به نفسه.

- تفسيرُ الامام الطَبري رحمه اللهُ .


" وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ "

قوله تعالى : وهو الذي يقبل التوبة عن عباده قال ابن عباس : لما نزل قوله تعالى قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى قال قوم في نفوسهم : ما يريد إلا أن يحثنا على أقاربه من بعده ، فأخبر جبريل النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وأنهم قد اتهموه فأنزل : أم يقولون افترى على الله كذبا الآية ، فقال القوم : يا رسول الله ، فإنا نشهد أنك صادق ونتوب . فنزلت : وهو الذي يقبل التوبة عن عباده قال ابن عباس : أي : عن أوليائه وأهل طاعته . والآية عامة . وقد مضى الكلام في معنى التوبة وأحكامها ، ومضى هذا اللفظ في ( براءة ) . ويعفو عن السيئات أي عن الشرك قبل الإسلام . ويعلم ما تفعلون أي من الخير والشر . وقرأ حمزة والكسائي وحفص وخلف بالتاء على الخطاب ، وهي قراءة ابن مسعود ، وأصحابه . الباقون بالياء على الخبر ، واختاره أبو عبيد وأبو حاتم ; لأنه بين خبرين : الأول وهو الذي يقبل التوبة عن عباده والثاني ويستجيب الذين آمنوا وعملوا الصالحات .

- تفسيرُ الامام القُرطبي رحمه اللهُ .


" كَلَّا ۖ لَيُنبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ (4) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ (5) نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ (6) الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ (7) إِنَّهَا عَلَيْهِم مُّؤْصَدَةٌ (8) فِي عَمَدٍ مُّمَدَّدَةٍ (9) "

قال الامامُ الطَبري رحمه اللهُ :
ثُم أخبرَ جَلّ ثناؤُه أنه هَالِكٌ ومُعذّبٌ على أفعالِه ومَعاصِيه التي كان يَأتيها في الدُنيا، فقال جَلّ ثَناؤُه : ( لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ ) يقول : ليُقذفنّ يومَ القيامة في الحُطمة، والحُطمة : اسمُ مِن أسماءِ النار، كما قيل لها : جَهنم وسَقر ولَظى، وأحسبُها سُمّيتْ بذلك لحَطْمِها ( يقصد الامامُ تحطيمها ) كلّ ما أُلقِيَ فيها، كما يُقال للرَجُلِ الأَكُولِ : الحُطمة.

وقوله : ( وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ ) يقول : وأيّ شيءٍ أشعَرَك يا مُحمَّد ما الحُطمة.

ثم أخبره عنها ما هي، فقال جلّ ثناؤُه : هي ( نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ * الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الأفْئِدَةِ ) يقول : التي يَطّلع ألمَها ووَهجَها القلوبُ ، والاطلاعُ والبُلوغُ قد يكونان بمعنى، حُكي عن العرب سماعًا : متى طَلعت أرضُنا، وطلعت أرضي : بلغت.

" إِنَّهَا عَلَيْهِم مُّؤْصَدَةٌ "
عن ابن عباس والضحّاك والحَسن وعَطيّة وقتادة في ( مُؤْصَدَة ) : قال : مُطبَقةٌ.
وقال ابنُ عبّاس كذلك : عليهم مُغلقة .
وقال ابنُ زيد : مُطبّقة، والعرب تقول : أُوصَدَ البابُ : أُغلَقَ.

" فِي عَمَدٍ مُّمَدَّدَةٍ "
عن ابن عباس : أَدخلَهم في عَمدٍ، فمُدَّتْ عليهم بعِمادٍ ، وفي أعناقِهم السلاسل، فسُدَّتْ بها الأبوابُ.
وقال ابن زيد : ( فِي عَمَدٍ ) من حديدٍ مَغلولين فيها، وتلك العَمد من نارٍ قد احتَرَقَتْ من النار، فهي من نارٍ ( مُمَدَّدَةٍ ) لهم.
وقال آخرون: هي عَمد يعذّبون بها.
وعن قتادة ( فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ ) قال: عمود يُعذَّبُون به في النار.

وقال الامامُ الطَبري رحمه اللهُ :
وأولَى الأقوالِ بالصوابِ في ذلك قَوْلُ مَنْ قال : مَعناه : أنهم يُعذّّبون بعَمدٍ في النار، واللهُ أعلمُ كيف تَعذيبه إياهم بها، ولم يَأتِنا خَبرٌ تَقُوم به الحُجَّة بصفة تعذيبهم بها، ولا وَضع لنا عليها دليل، فنُدرِكُ به صِفةَ ذلك، فلا قول فيه غير الذي قُلنا يَصِحُّ عندنا، واللهُ أعلمُ.


" أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَٰهَهُ هَوَاهُ "

عن ابنِ عباسٍ والحَسْن وقتادة قالوا : ذلك الكافرُ اتَخذَ دينَه بغَيرِ هدًى مِن اللهِ ولا بُرهانٍ.

وقال ابنُ عباس : ما ذَكَرَ اللهُ هَوًى في القُرءَان إلا ذَمَّهُ ، قال اللهُ تعالَى :" وَاتَّبَعَ هَوَاهُ ۚ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ " ، وقال تَعالَى :" وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا "

وقال الشَعبيّ : إنما سُمِيَ الهَوَى لأنه يَهْوِي بصاحِبهِ في النَّـارِ .

وقال عِكرمة : أفرأيتَ مَنْ جَعَلَ إلهَهُ الذي يَعبُدُه ما يَهواهُ أو يَسْتَحسِنُه ، فإذا استَحْسَنَ شيئًا وهَوِيَه اتَخذَهُ إلهًا .

وعن الامام مالكٍ فيما رُوِيَ عنه مِن التفسيرِ : لا يَهْوَى شيئًا إلا عَبَدَهُ .

وقال الامامُ بنُ كثيرٍ : إنما يأْتَمِرُ بهَوَاه ، فمَهما رَآهُ حَسنًا فَعلَهُ ، ومَهما رَآهُ قبيحًا تَرَكَه : وهذا قد يُستَدَلُّ به على المُعتزِلةِ في قَولِهم بالتحسين والتقبيح العقليين .

قال الحَسْنُ بنُ الفَضلِ : في هذه الآية تقديمٌ وتأخيرٌ ، مَجازُه : أفرأيتَ مَنْ اتَخذَ هَوَاهُ إلههُ .

وقال الامام الطَبري : مَعنى ذلك : أفرأيتَ يا مُحمَّد مَنْ اتخذَ مَعبودَهُ هَواهُ ، فيَعبدُ ما هَوِيَ مِن شَيءٍ دُون إلهِ الحَقّ الذي له الأُلوهة من كلّ شيءٍ ، لأن ذلك هو الظاهِرُ مِن مَعناه دُون غيره.

وقال الامام السَعْدي : يقولُ تعالى : { أَفَرَأَيْتَ } الرَجُلَ الضَالَّ الذي { اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ } فما هَوِيَه سَلَكَه سَواءَ كان يُرضِي اللهَ أو يُسخِطُه.قيل في معنى ذلك : أفرأيت من اتخذ دينه بهواه ، فلا يَهوَى شيئًا إلا رَكَبَه ، لأنه لا يؤمن بالله ، ولا يُحرِّم ما حَرَّمَ ، ولا يُحلّلُ ما حَللَ ، إنما دينُه ما هَوِيَتْهُ نَفسُه يعمل به.

وقيل : المَعنى : أفرأيتَ مَنْ يَنقادُ لهَواهُ ومَعبودُه ؛ تَعجيبًا لذُويّ العُقول مِن هذا الجهل .

وقال آخرون : بل مَعنى ذلك : أفرأيتَ مَنْ اتخذَ مَعبودَهُ ما هَوِيَتْ عبادته نفسُه مِن شَيءٍ.


" يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِن مَّزِيدٍ "

قال الامامُ السَعدي رحمه اللهُ :
يقول تعالى مُخوّفًا لعباده : { يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ } وذلك من كثرة ما أُلقِيَ فيها .
{ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ } أيّ : لا تَزالُ تَطلُبُ الزِيادةَ مِن المُجرِمين العاصِين، غَضبًا لربّها، وغَيظًا على الكافرين.
وقد وَعدها اللهُ مِلأها، كما قال تعالى { لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ } حتى يَضَعَ رَبُّ العِزّة عليها قَدمَه الكريمة المُنزَّهة عن التشبيه، فيَنزَوِي بعضُها على بعض، وتقول : قَطْ قَطْ ، قد اكتفيتُ وامتلأتُ.

وجاء في تفسير الامام الطَبري رحمه اللهُ :
عن ابنِ عباسٍ :" إنّ اللهَ المَلك تَبارك وتعالَى قد سَبقت كلمته ( لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ ) ، فلما بَعث الناسَ وأُحضِرُوا، وسِيق أعداءُ الله إلى النار زُمرًا، جعلوا يقتحمون في جهنم فَوْجًا فَوْجًا, لا يُلقَى في جهنم شَيءٌ إلا ذَهب فيها، ولا يَملأها شيءٌ، قالت : ألستَ قد أقسمت لتَملأني من الجِنَّة والناس أجمعين؟
فوضع قَدمَه، فقالت حين وضع قدمه فيها : قدِ قدِ، فإني قد امتلأتُ، فليس لي مَزيدٌ، ولم يكُنْ يَملؤُها شيءٌ، حتى وَجَدَتْ مسّ ما وُضع عليها، فتضايقتْ حين جعل عليها ما جعل، فامتلأت ، فما فيها مَوضِع إبرةٍ "


" اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ ۖ وَهُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ "

يُخبِرُ تَعالَى بلُطفِه بعباده ليعرفوه ويحبوه، ويَتعرّضوا للُطفِه وكَرمِه، واللطفُ مِن أوصافه تعالى مَعناه : الذي يُدرك الضمائر والسرائر، الذي يوصل عباده -وخصوصًا المؤمنين- إلى ما فيه الخير لهم من حيث لا يعلمون ولا يحتسبون.

فمِن لُطفه بعبده المؤمن أن هداه إلى الخير هدايةً لا تخطر بباله، بما يسر له من الأسباب الداعية إلى ذلك، من فِطرته على مَحبة الحق والانقياد له وإيزاعه تعالى لملائكته الكرام، أن يُثبّتوا عباده المؤمنين، ويَحثُّوهم على الخير، ويُلقُوا في قلوبهم من تزيين الحق ما يكون داعيا لاتباعه.

ومِن لُطفِه أن أمر المؤمنين بالعبادات الاجتماعية، التي بها تقوى عزائمهم وتنبعث هممهم، ويحصل منهم التنافس على الخير والرغبة فيه، واقتداء بعضهم ببعض.

ومِن لُطفِهِ، أن قَيّضَ لعبده كُلَّ سَببٍ يَعوقُه ويحول بينه وبين المَعاصي، حتى إنه تعالى إذا عَلِمَ أن الدُنيا والمال والرياسة ونحوها مما يتنافس فيه أهل الدنيا، تقطع عبده عن طاعته، أو تحمله على الغفلة عنه، أو على معصية صرفها عنه، وقدر عليه رزقه، ولهذا قال هنا: { يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ } بحسب اقتضاء حكمته ولطفه { وَهُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ } الذي له القوة كلها، فلا حول ولا قوة لأحد من المخلوقين إلا به، الذي دانت له جميع الأشياء.

- تفسير الامام السَعدي رحمه اللهُ .


" حَتَّىٰ إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ ۚ كَلَّا ۚ إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا ۖ وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ "

يُخبِرُ تعالى عن حال من حَضرَه المَوْتُ مِن المُفرّطين الظالمين، أنه يندم في تلك الحال، إذا رأى مآله، وشاهد قُبْحَ أعماله فيطلب الرجعة إلى الدنيا، لا للتمتع بلذاتها واقتطاف شهواتها وإنما ذلك يقول: { لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ } من العمل، وفَرّطتُ في جنب الله.

{ كَلَّا } أي: لا رجعة له ولا إمهال، قد قَضَى اللهُ أنهم إليها لا يرجعون، { إِنَّهَا } أيّ : مَقالته التي تمنى فيها الرجوع إلى الدنيا { كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا } أي : مُجرد قول باللسان، لا يفيد صاحبه إلا الحسرة والندم، وهو أيضًا غيرُ صَادقٍ في ذلك، فإنه لو رُدَّ لعَادَ لما نُهِيَ عنه.

{ وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ } أي: من أمامهم وبين أيديهم بَرزَخ، وهو الحاجز بين الشيئين، فهو هنا : الحاجز بين الدنيا والآخرة، وفي هذا البرزخ، يَتنعّم المُطِيعون، ويُعذَّب العاصون، من موتهم إلى يوم يبعثون، أي : فليَعُدُّوا له عُدّتَه، وليأخذوا له أهِبّته.

- تفسيرُ الامام السَعدي رحمه اللهُ .


" وَمَا كَانَ صَلَاتُهُمْ عِندَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً ۚ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ "

قال أبو جعفر : يقول تعالى ذِكرُه : وما لهؤلاء المشركين ألا يُعذِّبَهم اللهُ وهُم يَصُدُّون عن المسجد الحرام الذي يصلون لله فيه ويعبدونه، ولم يكونوا لله أولياء، بل أولياؤه الذين يَصُدُّونهم عن المسجد الحرام، وهم لا يصلون في المسجد الحرام

" وَمَا كَانَ صَلَاتُهُمْ عِندَ الْبَيْتِ "، يعني : بيتُ الله العتيق.
" إِلَّا مُكَاءً ": وهو الصفير.

وعن ابن عباس : كانت صلاةُ المُشركين عند البيت ( مُكاءً ) يعني : التصفير، و ( تَصدية ) يقول : التَصفيق.

وقال الامامُ السَعدي :
يعني أن اللّهَ تعالى إنما جعل بيته الحرام ليُقام فيه دِينُه، وتَخلُص له فيه العبادة، فالمؤمنون هم الذين قاموا بهذا الأمر،وأما هؤلاء المشركون الذين يصدون عنه، فما كان صلاتهم فيه التي هي أكبر أنواع العبادات ‏{‏إِلا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً‏}‏ أي‏:‏ صَفيرًا وتَصفيقًا، فِعلُ الجهلة الأغبياء، الذين ليس في قلوبهم تعظيم لربهم، ولا معرفة بحقوقه، ولا احترام لأفضل البقاع وأشرفها، فإذا كانت هذه صلاتهم فيه، فكيف ببقية العبادات‏؟‌‏.
فبأي‏ شيء كانوا أولى بهذا البيت من المؤمنين الذين هم في صلاتهم خاشعون، والذين هم عن اللغو معرضون، إلى آخر ما وصفهم اللّه به من الصفات الحميدة، والأفعال السديدة‏.‏
لا جَرم أورثهم اللّه بيته الحرام، ومَكّنهم منه،وقال لهم بعد ما مكن لهم فيه ‏{‏يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا‏}‏ ، وقال هنا ‏{‏فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ‏}‏


" فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ "

عن ابن عباس قوله : يعني : نَكّلْ بهم مَنْ بَعدهم.
عن قتادة : عِظْ بهم مَنْ سِوَاهم من الناس.

وعن السُدي : نَكّل بِهم مَنْ خلفهم، مَنْ بعدهم من العَدوّ، لعلهم يحذرون أن يَنكُثوا فتصنع بهم مثل ذلك.

وعن ابنِ إسحاق :أيّ : نَكّل بهم مَنْ وراءهم لعلهم يعقلون.

وعن ابن زيد قال : أَخِفْهُم بما تَصنع بهؤلاء.


" وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ "

عن ابن إسحاق : أيّ : كالمُنافِقين الذين يُظهِرون له الطاعة، ويُسِرُّون المَعصية.
وعن مُجاهِد في قول الله : ( وَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ ) ، قال : عاصون.

وقال الامامُ السَعدي :
أيّ ‏:‏ لا تَكتفوا بمُجرد الدعوَى الخالية التي لا حقيقة لها، فإنها حالةٌ لا يَرضاها اللّهُ ولا رسولُه ، فليس الإيمانُ بالتَمنّي والتَحلّي، ولكنّه ما وَقَرَ في القلوب وصَدّقته الأعمال‏.‏


" وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا ۚ بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ "

هذه الآيات الكريمة فيها فضيلة الشهداء وكرامتهم، وما منَّ الله عليهم به من فضله وإحسانه، وفي ضمنها تسلية الأحياء عن قتلاهم وتعزيتهم، وتنشيطهم للقتال في سبيل الله والتعرض للشهادة، فقال: { ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله } أي: في جهاد أعداء الدين، قاصدين بذلك إعلاء كلمة الله { أمواتا } أي: لا يخطر ببالك وحسبانك أنهم ماتوا وفقدوا، وذهبت عنهم لذة الحياة الدنيا والتمتع بزهرتها، الذي يحذر من فواته، من جبن عن القتال، وزهد في الشهادة. { بل } قد حصل لهم أعظم مما يتنافس فيه المتنافسون. فهم { أحياء عند ربهم } في دار كرامته. ولفظ: { عند ربهم } يقتضي علو درجتهم، وقربهم من ربهم، { يرزقون } من أنواع النعيم الذي لا يعلم وصفه، إلا من أنعم به عليهم.

- تفسيرُ الامام السَعدي رحمه اللهُ .


" وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلًا وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا ۗ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ "

قال أبو جعفر : يقول تعالى ذِكرُه : إذ يُرِي اللهُ نَبيَّه في مَنامِه المُشركين قليلًا ، وإذ يُريهم اللهُ المُؤمنين إذ لَقوهم في أعينهم قليلًا وهُم كَثيرُ عَددِهم ، ويُقلّل المُؤمنين في أعينهم ؛ ليَترُكُوا الاستعدادَ لهم، فتَهُون على المؤمنين شَوْكَتهم .

وعن أبي عُبيدة ، عن عبد الله بنِ مَسعودٍ قال : لقد قُلِّلوا في أعيننا يوم بدر، حتى قلتُ لرجلٍ إلى جنبي : تَراهم سبعين؟ قال: أراهم مِئة‍ً .
قال : فأَسَرنا رَجُلًا منهم ، فقُلنا : كم هُم؟ قال : ألفًا !

وعن السُديّ قال : قال ناسٌ من المُشركين : إنَّ العيرَ قد انصرفت فارجعوا.
فقال أبو جهل : الآن إذ بَرَزَ لكم مُحمَّد وأصحابَه ! فلا ترجعوا حتى تستأصلوهم.
وقال : يا قوم لا تقتلوهم بالسلاح، ولكن خُذوهم أخذًا، فاربطوهم بالحِبال !

وقوله : " لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا " ، يقول جلّ ثناؤُه : قلّلتُكم أيّها المُؤمِنون في أَعيُنِ المُشرِكين، وأَريتكمُوهم في أَعيُنِكم قليلًا حتى يَقضِيَ اللهُ بينكم ما قَضَى مِن قِتالِ بعضكم بعضًا، وإظهاركم، أيّها المؤمنون، على أعدائكم من المشركين والظفر بهم ؛ لتكونَ كلمةُ الله هي العليا، وكلمةُ الذين كفروا السفلى ،وذلك أمرٌ كان الله فاعلَه وبالغًا فيه أمرَه .

وعن ابن إسحاق : أيّ : ليُؤلف بينهم على الحرب، للنِقمة مِمَنْ أراد الانتقام منه، والإنعام على مَنْ أراد إتمامَ النعمة عليه من أهل ولايته.

20 last posts shown.

141

subscribers
Channel statistics