"
ومنهم طائفةٌ لا تترك الفرائض ، ولكنها أحبَّت العلمَ والمناظرة ، وأن يقال : فلانٌ اليوم فقيهُ البلد ، حبًّا اختلط بعظمِها ولحمِها ، فاستغرقتْ فيه أكثرَ أوقاتها ، واستهانت بالقرآن ، ونسيت القرآنَ بعد حفظه ، وشمخت بآنافِها مع ذلك ، وقالت : نحن العلماء.
وإذا قامت لصلاة الفريضة قامتْ أربعًا لا تذكر اللهَ فيها إلا قليلًا ، مزجت صلاتَها بالفكر في باب الحيض ودقائق الجنايات .
وربما جاء ليقول : (إياك نعبد وإياك نستعين) سبق لسانه إلى ما هو مفكرٌ فيه من جزئيات الفروع ، فنطق به .
ثم إذا سألت واحدًا من هذه الطائفة فقلتَ : أصليتَ سنَّةَ الظهرِ ؟
قال لكَ : قال الشافعي : «طلب العلم أفضل من صلاة النافلة» .
أو قلت له : أَخَشَعْتَ في صلاتك ؟
قال : ليس الخشوع من شرائط صحة الصلاة .
أو قلت له : أُنْسِيتَ القرآن ؟
قال لك : لم يقل : (إن نسيانه كبيرة) إلا صاحبُ "العدة" ، وما الدليل على ذلك ؟! وأنا لم أنسَ الجميع ، فإني أحفظ الفاتحة وكثيرًا من القرآن غيرها .
فقل له : أيها الفقيه ، كلمة حق أريد بها باطل ، إن الشافعيَّ لم يعنِ ما أردت ، ويخشى على من هذا شأنه المروق من الدين رأسًا " .
ابن السبكي | معيد النعم ومبيد النقم (ص٦٨)
قناة:
"مُنتقى الوجادات"
https://t.me/Montqa_alwjadate |