مقطع مؤلم جدًا !.
#التفريغ وَقَدْ جَاءَ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّ الُّصُّحْبَةَ قَد انْخَرَمَتْ فِي زَمَانِهِم، مِنْهَا مَا رُويَ عَنْ وُهَيبِ بِن الوَرْدِ أَنَّهُ قَالَ: (صَحِبْتُ النَّاسَ خٌمْسِينَ سَنَةً فَمَا وَجَدتُ رَجُلاً غَفَرَ لِي ذَلَّةً، وَ لَا أَقَالَنِي عَثْرَةً، وَلَا سَتَرَ لِي عَوْرَةً).
وَرَوَىَٰ ابنُ أَبِي الدُّنْيا - فِي كِتَابِهِ مُدَارَاةُ النَّاسِ - عَنْ حَفْصِ ابنِ حُمَيدٍ الأَكَّــافْ أَنَّهُ قَالَ: (جَرَّبْتُ النَّاسَ مُنْذُ خَمْسِينَ سَنَة، فَمَا وَجَدْتُ أَخًا لِي سَتَرَ عَوْرَةً، وَلَا غَفَرَ لِي ذَنْبًا فِيمَا بَينِي وَبَيْنَهُ، وَلَا وَصَلَنِي إذ قطعتُهُ، ولا أَمِنْتُهُ إِذَا غَضِبْ، فَالْاشْتِغَالُ بِهَؤُلَاءِ حُمْقٌ كَبِيرٌ، كُلَّمَا أَصْبَحْتَ تَقُولُ أتَّخِذُ الْيَومَ صَدِيقًا، ثُمَّ تَنْظُرُ مَا يُرْضِيهِ عَنْكَ، أَيَّ هَدِيَةٍ، أيَّ تَسْلِيمٍ، أَيَّ دَعْوةٍ! فَأَنتَ أَبَدًا مَشْغُول).
قَالَ مَالِكُ ابنُ دِينَارٍ -رَحِمَهُ الله-: (إِخْوةُ هَذَا الزَمَان مِثلُ مَرَقَةِ الطَّبَّاخِ فِي السُّوقِ، طَيِّبِ الرِّيحِ لَا طَعْمَ لَهُ).
قَالَ ابنُ الْجُوزِيِّ: (نُسِخَ فِي هَذَا الزَّمَانِ رَسْمُ الأُخُوَّةِ وحُكْمُهُ، فَلَمْ يَبْقَ إِلَّا الْحَدِيثُ عنِ القُدَمَاءِ، فَإِنْ سَمِعْتَ بِإِخْوانِ صِدْقٍ فَلَا تُصَدِّقْ).
وَقَالَ أَيضًا: (وَجُمْهُورُ النَّاسِ الْيَوْمَ مَعَارِف، ويَنْدُرُ مِنْهُم صَدِيقٌ فِي الظَّاهِرِ، وَأَمَّا الْأُخُوَّةُ وَالمُصَافَاةُ فَذَلِكَ شَيْءٌ نُسِخْ، فَلَا تَطْمَعْ فِيهِ، وَمَا أَرَىٰ الْإِنسَانَ يَصْفُو لَهُ أَخُوهُ مِنَ النَّسَبِ حتَّى يصفُو له أخوهُ مِنْ غَيرِ ذَلِكَ).
قَالَ السَّفَّارِينيُّ فِي غِذَاءِ الْأَلْبَابِ: (فإِذَا كَانَ هَذَا كَلَامَ مَنْ كَانَ فِي أَوَائِلِ الْإِسْلَامِ أَوْ فِي أَوْسَاطِهِ، وَقَدْ مَضَىٰ بَعْدَهُ أَكْثَرُ مِنْ خَمْسِمِائَةِ عَام، وَقَدْ زَعَمُوا أَنَّ رَسْمَ الْأُخُوَّةِ قَدْ نُسِخْ، وعَقْدَ الصَّدَاقَةِ قَدْ فُسِخْ، فَمَا بَالُكَ بِزَمَانٍ وَفَاؤُه غَدْرٌ، وَخَيْرُهُ شَرُّ، وَنَفْعُهُ ضُرٌّ، وَصِدْقُهُ كَذِبٌ، وحَسَنَتُهُ ذَنْبٌ، وَصَدِيقُهُ خَائِنٌ، وَصَادِقُهُ مَائِنٌ، وَخَلِيلُهُ غَادِرٌ، وَنَاسِكُهُ فَاجِرٌ، وَعَالِمُهُ جَاهِلٌ، وَعَاذِرُهُ عَاذِلٌ، وَقَدْ صَارَتْ صَلَاةُ أَهْلِ زَمَانِنَا عَاَدَةً لَا عِبَادَةً، وَزَكَاتُهُم مَغْرَمًا يَغْرَمُونَهَا لَا يَرْجُونَ مِنْ عَوْدِهَا إِفَادَة، وَصِيامُهُم كَجُوعِ الْبَهَائِمِ، وَذِكْرُهُم كَرُغَآءِ الْبَعِيرِ الْهَائِمِ، فَأينَ هَٰذِهِ الْحَالُ مِنْ حَالِ مَنْ يَّتَضَجَّرُ لِعَدَمِ وَفَاءِ إِخْوَانِهِ وَأَقْرَانِهِ وَأَخْدَانِهِ؟).
فَإِذَا كَانَ هَذَا كَلَامَ مَنْ كَانَ فِي أَوَائِلِ الْإِسْلَامِ، أَوْ فِي أَوْسَاطِهِ، وَقَدْ مَضَىٰ عَلَى كَلَامِ السَّفَّارينيِّ أَكْثَرُ مِنْ مِائَتَي عَامٍ، وَقَدْ زَعَمُوا أَنَّ رَسْمَ الْأُخُوَّةِ قَدْ نُسِخْ، وعَقْدَ الصَّدَاقَةِ قَدْ فُسِخْ، فَمَا بَالُنَا بِزَمَانِنَا!
وَلَكِنْ فِي اللَّهِ عِوَضٌ عَنْ كُلِّ ذَاهِبٍ، فِي اللَّهِ عِوَضٌ عَنْ كُلِّ ذَاهِبٍ.
فاللهُمَّ صِلْنَا وَلَا تَقْطَعْنَا، وَ أَعْطِنَا وَلَا تَحْرِمْنَا، وَأَعِنَّا وَلَا تُعِنْ عَلَينَا، وَامْكُر لَنَا وَلَا تَمْكُر بِنَا، وَاهْدِنَا وَيَسِّر الْهُدَىٰ لَنَا وَأَحْسِن خِتَامَنَا أَجْمَعِين...
قناتي على التلجرام👇👇👇
https://t.me/ahmed19871111