لو تدبَّرتَ في أصولهم الفكرية لوجدت مِن أغرب الأمور المنع من الزواج قبل سن ١٨ مع السماح بالزنا، والحرص على جعل الإجهاض حقًّا! فإذا فهمت ما ذكرته لك أعلاه؛ علمتَ سبب هذا الأمر وأنه مصلحيٌّ محضٌ للمؤسسات وليس الأفراد، ثم ألبَسوه ثوب الحقوق، لهذا الولايات الأمريكية التي تسمح بالزواج المبكر غالبًا ما يكون فيها قوانين شديدة ضد الإجهاض.
إذا فهمت أن موضوعَ الزواج المبكر والإجهاض وكثيرًا مما يقال في حقوق المرأة إنما أنتجَتْه مؤسسات معيَّنة لمصلحتها الخاصة تحت ستار الحقوق، فما قدَّمت هذه المؤسسات للمرأة؟
جاء في التقرير نفسه:
"تكريس المؤسسات التمييزية لعدم المساواة بين الجنسين فى التعليم أيضًا
يمكن للمؤسسات، شأنها شأن المعايير والقيم الاجتماعية، أن تدمج أو تستبعد النساء من حيث الموارد والأنشطة، ويمكنها حمايتهن من الممارسات التمييزية أو تعريضهن لها. ولن تتحقق المساواة بين الجنسين في التعليم بلا وجود التزام سياسي فقوي على مستوى المؤسسات.
ويرتبط عادة عدم ترجمة الالتزامات السياسية والقانونية بالمساواة بين الجنسين إلى تغيير حقيقي في حياة الفتيات والنساء بالتمييز المستحكم في المؤسسات الاجتماعية. ويُمثِّل مؤشر المؤسسات الاجتماعية والمساواة بين الجنسين (SIGI) (الذي حدَّدته منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي) محاولةً لتوثيق التمييز في المؤسَّسات الاجتماعية والاقتصادية. وهو يركِّز على أربعة جوانب هي: حقوق المرأة في الأسرة (مثل زواج الأطفال)، والسلامة البدنية (مثل تشويه الأعضاء التناسلية للإناث والعنف والصحة والحقوق الجنسية والإنجابية)، والحصول على الموارد الإنتاجية والمالية (مثل حيازة الأراضي والحقوق في مكان العمل)، والحقوق المدنية (مثل التمثيل السياسي). ويَدرس هذا المؤشر مدى فشل القوانين والمواقف والممارسات في احترام حقوق النساء والفتيات وحمايتها (2018 ,OECD). وتتراوح قيمته بين صفر % عندما تكون الحقوق نفسها مكفولةً للذكور والإناث، و100% عندما يكون هناك تمييز شديد أو حاد ضد النساء والفتيات.
وتصنِّف دورة عام 2019 لهذا المؤشر 120 بلدًا بحسب مستوى التمييز في مؤسساتها الاجتماعية، بدءًا من سويسرا (8%) وانتهاءً باليمن (64%). ويتَّضح منه أن لدى ربع البلدان مستويات تمييز مرتفعة أو مرتفعة جدًّا، ولا سيما أفغانستان وبنغلاديش والكامرون وغينيا والفلبين".
أقول: خلاصة هذا أن عامة البلدان العالمانية تُميِّز بين الذكور والإناث في المؤسسات الحكومية، والذي أخفاه التقرير أن هذا التمييز موجود في المؤسسات الرأسمالية بشكل قوي، إذ غالبًا ما يوظِّفون النساء برواتب أقل بحجة أن إجازاتهن أكثر للظروف البدنية الخاصة، وبالتالي تكون الإجازات مدفوعة الأجر أخفَّ على كاهل المؤسسة، وهذا طريف، أخرَجوها باسم المساواة ثم لم يمنحوها المساواة المزعومة لمَّا تعلَّق الأمر بمصالحهم!
ومن الطرائف التي جاءت في التقرير قولهم:
"ومع أن الإناث يمثِّلن الأغلبية في صفوف خريجي الجامعات، فإنهن ممثلات أقل من النصاب في بعض البرامج. وبلغت نسبة الطالبات في الجامعة في برامج الهندسة والصناعة والإنشاءات وبرامج تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، في أكثر من 120 بلدًا، أكثر من 25% بقليل. وثمَّة بلدان أقرب إلى تحقيق التكافؤ بين الجنسين وتشمل الجزائر والمغرب وتونس. والبلدان التي تُسجِّل أدنى النسب من حيث الانضمام إلى هذين النوعين من البرامج تقع معظمها في أفريقيا الغربية (بنين وغانا ومالي) وأوروبا الغربية (بلجيكا وهولندا وسويسرا)".
أقول: إذن المغرب وتونس والجزائر تُحقِّق مساواة أكثر من بلجيكا وهولندا وسويسرا في باب مشاركة المرأة في المجال التقني، ومع ذلك ما وصلوا لما يسمُّونه (تقدُّمًا)، بل هذه العملية سبَبُها التمييز الإيجابي وإقحام النساء قسرًا في بعض المجالات ليُرُوا الغرب أنهم متحضِّرون، حتى تفوَّقوا على الغرب في ذلك!