صناعة الوعي ونهضة الأمم


Kanal geosi va tili: ko‘rsatilmagan, ko‘rsatilmagan
Toifa: ko‘rsatilmagan


تملك أمتنا الإسلامية إرثاً عظيماً خلّفه لنا أجدادنا وأسلافنا ، ومع هذا الإرث العظيم والمُضرج بصفحات ناصعة ، نصنع الوعي الصحيح والفكر السليم لأبناء أمتنا اليوم، وننهض بها من جديد حتى تعود لريادتها الحقيقية وموقعها الطبيعي

Связанные каналы

Kanal geosi va tili
ko‘rsatilmagan, ko‘rsatilmagan
Toifa
ko‘rsatilmagan
Statistika
Postlar filtri


يقولون : نحن على الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة

فـهل فـهـم هــؤلاء للكتاب والسنة هو نفس الفهم الذي كان عند السلف الصالح؟
أبداً!!لقد جالسناهم وخالطناهم، ناقشناهم مراراً وتكراراً، أياماً وشهوراً وسنواتٍ، فما وجدنا عند هذه القلة المتحجرة سوى فهم أُحَادِيِّ!

فهمهم عبارة عن نَمَطِيَّةٍ تتجلى في ثلاثة أشكال:
الشكل النمطي الأول:
إنــهم لا يــميـزون بـيــن القطعـي والظنـي ولا بين الثابــت والـمتغيـر، وإنما يُعَالِجُونَ ما هو متغير وظني بنفس الطريقة والأسلوب الذي يُعَالِجُونَ به ما هو ثابت وقطعي! النصوص عند هؤلاء كلها قطعية، والأحكام كلها جامدة مجمدة!!

الشكل النمطي الثاني:
إنهم يقولون: يجب أن نطبق في حياتنا الحالية جميع الأحكام التي طبقها السلف الصالح في حياتهم السالفة، حتى تلك التي استنبطوها من الكتاب والسنة بواسطة الاجتهاد، سـواءكانت أدلتةُ تلك الأحكام نصوصاً ظنية، أو توصلوا إليها عن طريق الاستقراء لعددٍ من النصوص الكلية!
ولا يفهمون ولا يــريــدون أن يفهموا أن الأحــكام لا تــراد لــذاتها، وإنــما تراد لغيرها، أي لمناطاتها، والمناط تتحكم فيه العلة، يوجد بوجودها ويزول بزوالها؛ وإذا ما زالت العلة أو تغيرت زال المناط حتماً أو تغير، وفي تلك الحالة ــــ أي إذا زالت العلة أو تغيرت، وبالتالي زال المناط أو تغير ـــ وَجَبَ أَنْ يَزُولَ أَوْ يَتَغَيَّرَ الْحُكْمُ.

الشكل النمطي الثالث:
إنهم يقولون: يـجب على أهــل السنة أن يـوحـدوا مرجعيتهم؛ وهـم لا يقصدون المعنى الواجبَ شرعاً، أي على المصدرين المعصومين ”الكتاب والسنة“، وإنـمــا على حَـفْـنَــةٍ من العلماء يعدون عـلى رؤوس الأصابع وإذا قيل لهم: وماذا نفعل بعشرات الآلاف من علماء أهل السنة الآخرين؟ قالوا: هـؤلاء علماء البدعة ، لا اعتبار لهم!


قال العلامة مصطفى البولاقي:

"وَأَمْرُ عَوَامِّ النَّاسِ بِاتِّبَاعِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ كَلِمَةُ حَقٍّ أُرِيدَ بِهَا بَاطِلٌ، إذْ مُرَادُهُ تَرْكُ الْمَذَاهِبِ الْمُتَّبِعَةِ وَأَخَذَ الْأَحْكَامِ مِنْ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ بِلَا وَاسِطَةٍ وَهَذَا ضَلَالٌ وَالْأَمْرُ بِهِ أَدَلُّ دَلِيلٍ عَلَى الْجَهْلِ إذْ مِنْ الْمَعْلُومِ لِكُلِّ أَحَدٍ أَنَّ النُّصُوصَ مِنْهَا الْمَنْسُوخُ وَمِنْهَا الْمَرْدُودُ لِطَعْنٍ فِي رُوَاتِهِ وَمِنْهَا مَا عَارَضَهُ أَقْوَى مِنْهُ فَتُرِكَ وَمِنْهَا الْمُطْلَقُ فِي مَحَلٍّ وَقَدْ قُيِّدَ فِي مَحَلٍّ آخَرَ، وَمِنْهَا الْمَصْرُوفُ عَنْ ظَاهِرِهِ لِأَمْرٍ اقْتَضَى ذَلِكَ وَمِنْهَا وَمِنْهَا وَلَا يُحَقِّقُ ذَلِكَ إلَّا الْأَئِمَّةُ الْمُجْتَهِدُونَ وَأَعْظَمُ مَا حُرِّرَ مِنْ مَذَاهِبِ الْمُجْتَهِدِينَ مَذَاهِبُ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ الْمُتَّبِعِينَ لِكَثْرَةِ الْمُحَقِّقِينَ فِيهَا مَعَ سَعَةِ الِاطِّلَاعِ وَطُولِ الْبَاعِ فَالْخُرُوجُ عَنْ تَقْلِيدِهِمْ ضَلَالٌ وَالْأَمْرُ بِهِ جَهْلٌ وَعِصْيَانٌ
وَوَاجِبٌ تَقْلِيدُ حَبْرٍ مِنْهُمْ".



[انظر: فتح العلي المالك، للعلامة عليش المالكي]


الشيخ سعيد السلمو من هنا نبدأ وفي الجنة نلتقي dan repost
#من_أروع_ما_قرأت

للشيخ أبو عبد الرحمن الحنبلي

هي القصة كالتالي:

أول ما يبدأ #السلفي_المعاصر بالتدين والالتزام ويسمع أن أهم وأعظم شيئين في الإسلام هما (التوحيد والصلاة) وهما جماع الاعتقاد والعمل
فيقوم أحد أصدقائه بإهدائه كتاب (صفة صلاة النبي من التكبير إلى التسليم) للألباني رحمه الله
ويقول له مشدداً عليه: احفظ هذا حتى تكون صلاتك كصلاة النبي صلى الله عليه وسلم وإلا لن تكون صلاتك مقبولة!

ثم يأتيه صديق آخر ويدفع له نسخة من (كتاب التوحيد) لابن عبد الوهاب رحمه الله
ويقول له مشدداً عليه: احفظ هذا حتى تفهم معنى التوحيد
ولا تقع في الشرك الأكبر!

الآن عندما يفتح صديقنا كتاب (صفة الصلاة) سيجد مثلاً أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يضع يديه إلا على (صدره)
فستتكون لديه قناعة مسلّمة حتى تكون عنده كأصل من الأصول أن هذه الهيئة هي الصحيحة وما خالفها باطل وفاسد..

وعندما يفتح أيضاً (كتاب التوحيد) ويجد فيه مثلاً أن قولك (مدد يا رسول الله) استغاثة وشرك أكبر
فستتكون لديه قناعة راسخة مسلّمة أصيلة أن من قال هذا اللفظ فقد وقع في الشرك الأكبر..

ثم يكبر صديقنا في العمر وتكبر معه هذه المسلمات وقد يزداد علماً لكن تظل تلك المسلّمات على حالها ودرجتها (مسلّمات لا تقبل النقض)

ويحدث مثلاً أن يخرج من بيئته التي نشأ فيها أو صادف أصحاباً على غير الفكر الذي ترعرع عليه، ويتفاجأ أن بعضهم (لا يضع يديه على صدره في الصلاة) بل يضعونها على السرة!
ويسمع من البعض الآخر ينادي (يا رسول الله نسألك الشفاعة) أو بعضهم يردد أبيات البوصيري (ما لي من ألوذ به سواك عند حدوث الحادث العمم)!

فتشتعل صفّارات الإنذار داخل صاحبنا
(شرك أكبر)!
(بدعة)!
ويسارع إلى إنكار المنكر الذي يراه بأم عينيه مردداً:
احذروا هذا شرك! هذه بدعة! هذا دين! اتقوا الله ولا تنشروا الشرك والبدعة!!

فيهدؤونه أصحابه قائلين له:
من قال لك أن هذا شرك أكبر وهذه بدعة؟
انظر الإمام الفلاني قال بذلك والإمام الفلاني كان يفعل ذلك
والمذهب الفلاني قرر سنية ذلك وقد عمل به جمع من أئمة الدين مثل فلان وفلان وفلان… ؟

فيفاجأ صاحبنا بكل هذا ويشعر بصدمة رهيبة
معقول أن كل هؤلاء العلماء واقعون في بدعة وشرك أكبر!
كيف لم ينتبهوا إلى شناعة أفعالهم وكيف سمحوا لأنفسهم أن ينشروا بين الأمة هذه البدع وهذه الشركيات!!

ثم يحدث أن يرجع أخونا السلفي إلى بيئته القديمة أو يتواصل معها بشكل من الأشكال فيقول له أصحابه القدامى:
يا أخي يجوز للعالم أن يقع في البدعة والشرك فليس هو بمعصوم!
وفرق بين الحكم على الفعل والحكم على المعين!!
ويسردون له تلك السرديات الشهيرة المتعلقة بعدم تعلق الحق بالأكثرية
وأن الجماعة أن تكون على الحق ولو كنت وحدك
وأن الزمان زمان غربة (وربما أسمعوه شيئاً من نشيد غرباء)!

فيقتنع صاحبنا بأن تلك المسلّمات التي نُشّيء عليها هي الدين وهي الحق الذي لا مناص من اعتقاده ويوالي ويعادي عليه (لأنه باعتقاده هذا هو الدين)!!

هذه هي باختصار #السيرة_الذاتية لمعظم السلفية الذين تجدهم يخوضون هذه الأيام في مسائل هي أعمق وأدق من مستوياتهم العلمية…
#منقول


ما أحسن ما حكى الأصمعيُّ عن عجوز وجدتْ جرو ذئب لا راعي له, فضمته إليها, وتركته يرعى مع غنمها, حتى أَنِسَ لشاةٍ منها, فكان يرتضع ثديها, ويحتلب لبنها, فلما كبر الذئبُ, جاءت الشاةُ فوقفتْ إلى جانبه كي يرضع منها على العادة, فالتهمها الذئبُ وأكلها, فقالت العجوز:
بقرتَ شويهتي وفجعتَ قلبي...وأنتَ لشَاتِنَا ولدٌ ربيبُ
غُذيتَ لُبانَها ورضعتَ منها.....فمـَنْ أنباكَ أنّ أباكَ ذيبُ
إذا كان الطباعُ طباعَ سوءٍ.......فلا أدبٌ يفيدُ ولا أديبُ


ورد في ترجمة الحافظ أحمد بن منصور الشيرازي رحمه الله أنه رُئي في النوم بعد وفاته فقيل له: ما فعل الله بك؟ قال: غفر لي وأكرمني, وأجلسني على منبر من نور! قيل له: بم؟ قال: رأيت كتاباً ذُكر فيه النبي صلى الله عليه وآله وسلم, ولم تُكتب الصلاة عليه مع ذكر اسمه الشريف, فأخذت القلم وكتبت الصلاة عليه.

وذكر الإمام الحافظ أبو بكر بن أبي عاصم في (منسكه) الذي التزم فيه الصحة, أن أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه كان يبرد البريد من الشام إلى المدينة للسلام على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ثم يرجع, وقد قال ابن أبي حَجَلَة:
صلوا عليه كلما صليتم..... لتروا به يوم النجاة نجاحا
صلوا عليه كل ليلة جمعة ....صلوا عليه عشية وصباحا
صلوا عليه كلما ذكر اسمه.... في كل حين غدوة ورواحا
فعلى الصحيح صلاتكم فرض إذا.... ذكر اسمه وسمعتموه صراحا
صلى عليه الله ما شبَّ الدجى.... وبدا مشيب الصبح فيه ولاحا


نصيحة للدعاة الذين رفعتهم الجماهير :

كونوا صادقين مع أنفسكم في اعتقاد أن هذه الرفعة ربما تكون استدراجا ! فلا تصدقوا أنها علامة القبول كما يقول العوام فيكم !! ولا تنسوا أن جماهيرية أكثر الفنانين من مغنين وممثلين ومشاهير الرياضيين أكبر من جماهيريتكم ، فلم تكن دليلا على القبول الرباني !
كونوا صادقين في الاعتراف بأن الناس رفعوكم فوق منزلتكم بكثير ! فلا تصدقوا أنكم فقهاء وعلماء ، ولا أن لحومكم مسمومة ، لا تصدقوا أنه يحق لكم قيادة الأمة في كل صغيرة وكبيرة ، لا تصدقوا أن عندكم أهلية الاجتهاد المقيد ، فضلا عن المطلق ، وليتكم تحسنون التقليد ! فدعوا الكلام في كل شيء ، ودعوا الكلام في الترجيح في الخلافيات ، ودعوا مزاعم اطراح شواذ الفتاوى ؛ فما أنتم فيه من شذوذ الفتوى والوعظ ربما كان أشد .
كونوا صادقين في إصلاح الجماهير ، فالغريب أن الجماهير دائمة التصفيق لكم ! فهل يُعقل أن جماهير أمة تغرق في الجهل والتخلف ، ويشيع فيها غلو الإفراط وغلو التفريط ، كلها لم تسمع منكم ما يصدمها ويخالف تصوراتها من منتجات تخلفها وجهلها ، لم تسمع منكم يوما نقدا حقيقيا يبين لها غلوها !
كونوا صادقين مع أنفسكم في الكلام بعلم ، بل بنصف علم ، بل بربعه ، بل بمعشار عشره .. واسكتوا بحلم ؛ فما أشعتموه من الجهل والغلو وفساد التصورات كاف لإسقاط أمة قائمة ، فكيف بأمة سقطت منذ قرون !!


أورد الشيخ العلامة علوي بن أحمد السقاف الشافعي ت (1335)هجري في كتابه مختصر الفوائد المكية :
اعلم أنه يجب على المكلف غير المجتهد المطلق التزام التقليد لمذهب من مذاهب الأئمة الأربعة في الفروع الإجتهادية…
وقد صرح جمع من أصحابنا أنه لا يجوز تقليد غير الأئمة الأربعة ، وعللوا ذلك بعدم الثقة بنسبتها لأربابها ،لعدم الأسانيد المانعة من التحريف والتبديل ، بخلاف المذاهب الأربعة ، فإن أئمتها بذلوا أنفسهم في تحرير الأقوال وبيان ما ثبت عن قائله ، وما لم يثبت ، فأمن أهلها من التحريف وكل تغير ، وعلموا الصحيح من الضعيف ، فالمذاهب الأربعة هي المشهورة الأن المتبعة ،وقد صار كل واحد منهم إمام لطائفة من طوائف الإسلام ،عريفاً بحيث لا يحتاج السائل عن ذلك تعريفا

انتهى كلامه رحمه الله بتصرف يسير




يَظُنُّ الْغُمْرَ أَنَّ الْكُتْبَ تَهْدِي
أَخَا فَهْمٍ لإدراكِ الْعُلُومِ
وَمَا يَدْرِي الْجَهُولُ بأنَّ فِيْها
غوامضَ حَيَّرَتْ عَقْل الْفَهِيْمِ
إذَا رُمْتَ الْعُلْومَ بِغَيْرِ شَيْخٍ
ضَلَلْتَ عَنِ الْصِّراطِ الْمُسْتَقِيْمِ
وَتَلْتَبِسُ الأمورُ عَلَيْكَ حَتَّى
تَكونَ أَضَّلَ مِنْ تُوْمَا الْحَكِيْمِ


من المفارقات أنك تجد وتلاحظ ، والتاريخ يسجل ويدون أن الدولة السعودية والمدعومة من المؤسسة الدينية السلفية ،مدرسة محمد بن عبد الوهاب التميمي —صاحب الدعوة الوهابية المعروفة— لم تحفظ هذه الدولة قضايا الأمة الإسلامية ، وسلمت ربقة البلاد والعباد لعدوها ، بل ناهضت وقوضت كل حركة أو جماعة أو ثورة تحاول التمرد على على جلاديها ، ودعمت الثورات المضادة وتآمرت على الشعوب المقهورة التي تبحث الحرية والكرامة ؛
ومع مراجعة التاريخ للوراء قليلاً تجد أن دولة الأيوبيين والمماليك ودولة سلاطين العثمانيين مع دعمهم للمدرسة الصوفية ومدارس الأشاعرة لم يسلموا شبراً من أراضي المسلمين لعدوهم ، بل نافحوا وكافحوا ذوداً عن بيضة الإسلام ومقدساته حتى آخر نقطة دمٍ منهم

#السلفية_المعاصرة


يا .
فهدمت السلطة السعودية آخر خطوط دفاعها، ومزقت مجلس التعاون الخليجي، وهو القوة الإقليمية التي شكلتها السعودية بيديها عام 1981 من أجل احتواء الثورة الإيرانية، ودرء خطرها عن الأنظمة الحاكمة على الضفة الغربية من الخليج.

- *ولعل أهل السنة في لبنان سيكونون آخر جماعة سنّية تغدر بها السلطة السعودية،*
وتسعى الآن إلى رميها في أتون حرب طائفية غير متكافئة، ثم تطعنها في الظهر، تحقيقا لمطامح الرجل المتحفز إلى عرش السعودية اليوم، وخدمة منه لحلفائه الصهاينة الذين ارتمى في أحضانهم بسذاجة، ظانا أنهم المتحكمون في مصائر الكون.

*ولم تسلمْ الهيئات العلمية الإسلامية المعبرة عن ضمير الأمة من حرب السلطة السعودية على أهل السنة،*
فها هي تصم الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين بوصمة الإرهاب، وهو أكبر منظمة عالمية لعلماء المسلمين من كل المشارب والمذاهب.
وقبل ذلك اعتقلت السلطة السعودية خيرة علماء بلاد الحرمين، ودعاتها المعتدلين من مثال الشيخ سلمان العودة ود. علي حمزة العمري، ومثقفيها الإصلاحيين من أمثال د. عبد الله الحامد والأستاذ محمد القحطاني.
وهي بذلك تسعى إلى القضاء على آخر الأصوات المعبرة عن نقاء رسالة الإسلام، وعن ضمير الأمة الإسلامية، واحتكار الساحة الإسلامية لمرتزقة الصحافة، ولعمائم السوء من فقهاء البلاط، الذين يستخدمهم المستبد و"يضحك عليهم بشيء من التعظيم، ويسدُّ أفواههم بلُقيماتٍ من مائدة الاستبداد"، حسب تعبير العلامة عبد الرحمن الكواكبي.

*ولست أبرئ إيران وامتداداتها من الطائفية المقيتة، ومن العدوان الصارخ الذي جعل أربع دول عربية تنزف لسنين، بل أرى أنهم ارتكبوا فظائع أبشع مما ارتكبته السلطة السعودية.*

*لكن إيران وحلفاءها لم يجمعوا بين الجريمة والفشل، بين الخطيئة والبلاهة، على نحو ما نراه من السلطة السعودية.*
وقد كتب أحد الباحثين في معهد الدراسات الإستراتيجية والدولية في واشنطن منذ بضعة أيام مقالا في صحيفة (نيويورك تايمز) يقارن فيه بين الإستراتيجة السعودية والإستراتيجية الإيرانية في المنطقة، فتوصل إلى فوارق كبيرة بين الدولتين في التصور وفي الأداء، منها أن لدى إيران العلاقات، والخبرة، والتجربة، والصبر الاستراتيجي، وليس لدى السعودية شيء من ذلك، وأن إيران وفية لحلفائها، وليس كذلك السعودية.

ولو كانت القيادة الإيرانية تفكِّر بمستوى تفكير القيادة السعودية، لرأيتَ انقلابا عسكريا إيرانيا على الأسد في سوريا، ومذبحة ضد العلويين في اللاذقية بتمويل من إيران، وقصفا إيرانيا همجيا على حزب الله اللبناني، والحشد الشيعي العراقي، وحربا إيرانية استئصالية ضد الشيعة العراقيين والخليجيين، وتصنيف الحوزات العلمية الشيعية منظمات إرهابية!!
فهل يتصور عاقل أن ينزل التفكير السياسي الإيراني إلى هذا المستوى من الحماقات التي ترتكب السعودية مثلها بالضبط ضد القوى الإسلامية السنّية في كل أرجاء المنطقة؟!

وخلاصة الأمر أن السلطة السعودية ضيَّعت على أهل السنة خيار التعايش السلمي مع الشيعة،
ثم ضيعت عليهم خيار التدافع الإيجابي معهم،
وحاربت كل عناصر القوة المادية والمعنوية لديهم،
وبذلت كل طاقتها لوأد ثورات الشعوب وإبقائها في سجون الظلمة..
كل هذا وهي تدَّعي نصرة الإسلام وحمل راية السنَّة.
والحقيقة أن لا مستقبل لأهل السنة في المشرق العربي، إلا إذا حدث تغير ثقافي واستراتيجي عميق في بلاد الحرمين التي هي قلب الإسلام ونبعه، أو انتقل مركز التسنن من السعودية إلى موطن آخر من مواطنه التاريخية الكبرى، مثل مصر، والشام، والأناضول.
وما دامت حرب السلطة السعودية على أهل السنة قائمة، فلتسعدْ كل الطوائف والأقليات، وأعداء الداخل والخارج، بالولوغ في دمائهم، وانتهاك أعراضهم، وإخراجهم من بيوتهم، والمظاهرة على إخراجهم..
*فيا خيبة من كانت السلطة السعودية نصيرَه هذه الأيام


أ رجاء العالم الإسلامي.*

*ثم كانت الجناية الثانية التي جنتها السلطة السعودية على الأمة الإسلامية بشكل عام، وعلى أهل السنة والجماعة بشكل خاص، هي إقحامها أهل السنة في حرب وجودية طائفية مدمِّرة مع الشيعة.*
وكانت نتيجة هذه المواجهة كارثة على عموم المسلمين، ومصيبة مضاعفة على أهل السنَّة والجماعة، لأن القيادة السعودية فاشلة حتى في حربها الطائفية.

*فالعلاقة بين السُّنة والشيعة لا يمكن تصورها إلا عبر مسارين اثنين.*
*أحدهما: مسار التعايش السلمي*
الذي يحترم الخصوصية المذهبية، ويعترف بحق الاختلاف، ويسعى لضمان العدل والحرية للجميع دون ازدواجية ولا مثنوية.
وهذا هو المسار الأفضل إسلاميا وإنسانيا.

*وثانيهما: مسار التدافع السياسي والعسكري الذي يحقق توازن القوى،*
ويُقنع الطرفين أن لا بديل عن التعايش، وأن فرْض إرادة أي طرف على الآخر أمر عبثي، لن يقود إلا إلى الدمار الشامل للطرفين، وللأمة الإسلامية بأسرها.

وقد حرمت الاستراتيجية السعودية الفاشلة في مواجهة الشيعة عموما، وإيران خصوصا، أهل السنة من تحقيق أي شيء على أيٍّ من المسارين.
فقد حرمتْهم بخطابها التكفيري التشهيري من خيار التعايش السلمي مع الشيعة،
ثم خذلتْهم سياسيا وعسكريا في خيار التدافع الفعال ضد التوسع الشيعي.

وهكذا حرَمتْ السلطة السعودية أهل السنّة والجماعة من الاجتماع على مبدأ ديني، بثقافة التكفير والتشهير التي بثتها في أرجاء الأرض، ثم حرمتْهم من الاجتماع على موقف سياسي، بخذلانهم وطعنهم في الظهر.
فتحول أهل السنة أدواتٍ بيد السلطة السعودية لاستنزاف إيران (وقبلها الاتحاد السوفييتي)، ضمن المنظور الاستراتيجي الأميريكي، وليسوا طرفا أصيلا يراد له أن يحقق مكاسب إيجابية، سواء عن طريق التعايش أو التدافع.

*ثم كانت الجناية الثالثة هي تصدُّر السلطة السعودية لخطيئة الثورة المضادة، وتوجيهها طاقتها السياسية والمالية ضد الشعوب منذ اندلاع ثورات الربيع العربي، وحربها الاستئصالية على القوى الإسلامية السنّية التي كانت رافعة تلك الثورات،*
وهو ما خلخل البناء العربي كله، وفتح ثغرات مُهلكة في الجسد العربي، وفي الكيان السني الأكبر، دخلت منها إيران وروسيا وغيرهما.
وقد أسفرت الإستراتيجية السعودية الخرقاء عن تراجعات كبرى لقوة أهل السنة، السياسية والعسكرية، وحتى الديمغرافية، في أكثر من بلد من بلدان المشرق العربي:
- *ففي العراق دفع أهل السنة ثمن التعويل على السلطة السعودية،* والانطباع التي قدمتْه لهم ولغيرهم عن استعدادها لمواجهة التمدد الإيراني، وحربها الكلامية الجوفاء مع الشيعة،
فكانت النتيجة مفزعة: تقتيلا وتنكيلا وتهجيرا، وإبعادا عن مواطن التأثير والقرار، في دولة كانوا يحكمونها طيلة التاريخ الإسلامي، باستثناء قرن واحد من الحكم البويهي.

- *وفي سوريا كان الثوار على بُعد بضعة كيلومترات من قصر السفّاح بشار الأسد في دمشق،*
فضغطت السلطة السعودية من أجل الاستئثار بملف الثورة السورية، وتهميش الداعمين الآخرين، خصوصا من القطريين والأتراك،
فكانت النتيجة تمَزُّق الثورة السورية على جبهتها السياسية، وتضعضعها على جبهتها العسكرية.
وذهبت عنتريات عادل الجبير عن إسقاط الأسد بقوة السلاح أدراج الرياح.

- *وفي اليمن تستحق تقلبات السياسة السعودية أن تُدرَّس في كليات العلوم السياسية مثالا على التخبط والتناقض والارتجال.*
فقد أنقذت السلطة السعودية علي عبد الله صالح من ثورة شعبه، بل وأنقذت حياته لما هوجم هجوما قاتلا في صنعاء، وأعادته إلى اليمن معززا مكرَّما ليعبث بمصائر الثورة، ودعمت الحوثيين من أجل استئصال التجمع اليمني للإصلاح، القوة السياسية السنية الكبرى في اليمن.
ثم انتهى المطاف بالسلطة السعودية إلى محاربة علي صالح وتدمير اليمن من أجل التخلص منه ومن الحوثيين.

- *وفي تركيا كانت السلطة السعودية داعمة للانقلاب العسكري الغاشم،الذي كانت غايتُه تعطيل مسيرة تركيا،*
من خلال تنصيب قائد عسكري من نمط عبد الفتاح السيسي، قاهرٍ لشعبه، مقهورٍ أمام الغرب، ليعيد تركيا إلى حالة التبعية، والعداوة الصريحة للإسلام وللعرب، والارتماء في أحضاء إسرائيل، والتخلي عن الآمال العراض التي تعلقها جماهير المسلمين في أرجاء العالم على تركيا الجديدة، كدولة إسلامية قوية، متصالحة مع محيطها الإسلامي.

- *وقبل ذلك في مصر كانت السلطة السعودية الداعم الأكبر للانقلاب العسكري الغاشم الذي وأد أجمل الثورات العربية وأعظمها أثرا في المعادلات الإستراتيجية في المنطقة،*
وسعت السلطة السعودية بذلك إلى استئصال جماعة الإخوان المسلمين، أكبر القوى السياسية الإسلامية في العالم، وأوسعها انتشارا، وأكثرها اعتدالا ومصداقية. ويكفي أنها القوة السياسية التي حازت على أصوات الغالبية، في أول انتخابات رئاسية نزيهة في تاريخ مصر، أكبر الدول العربية.

- *ثم جاء حصار قطر خاتمة سيئة لحرب السلطة السعودية على أي قوة سنية صاعدة،*
حتى ولو كانت أقرب الناس إليها ثقافيا وجغرافيا وديمغراف


أوراق الربيع (27)..*
*الحرب السعودية على أهل السنَّة*
محمد مختار الشنقيطي
"أستاذ الأخلاق السياسية وتاريخ الأديان"

صدر في العقد المنصرم كتابان مهمان يصفان انهيار الكتلة التاريخية المعروفة باسم "أهل السنة والجماعة" وصعود الكتلة الشيعية في كل أرجاء المشرق الإسلامي.
أحدهما كتاب الأكاديمي الأميركي من أصل إيراني والي حسين نصر :"صحوة الشيعة"،
والثاني كتاب الصحفية الأميركية دبورا آموس: "أفول أهل السنة."
ويكاد الكتابان يصفان الظاهرة ذاتها، لكن بلغتين مختلفتين، فكتاب والي نصر يفصِّل صعود الشيعة السياسي في المنطقة، خصوصا بعد الغزو الأميركي للعراق، مع تحيز واضح للمحور الشيعي، وشيء من نشوة النصر السائدة الآن لدى النخب السياسية الشيعية، وتحريضٍ لأميركا بالتعويل على القوى الشيعية الصاعدة، لا على القوى السنية الآفلة.

وأما كتاب دبورا آموس هو يصف انهيار القوة السنية في المنطقة، خصوصا بعد الغزو الأميركي للعراق. مع تعاطف مع محنة أهل السنة في العراق، وكشفٍ استقصائي لما تعرضوا منه من تقتيل وتهجير، وإزاحة من مواقع الصدارة في الدولة العراقية تحت شعار "اجتثاث البعث."

*ويمكن إرجاع هذه الظاهرة في وجهيْها -صحوة الشيعة وأفول السنَّة- إلى أن أهل السنة والجماعة أصبحوا سنة من غير جماعة بسبب السياسات السعودية، وهذا ما نحاول تجليته في هذه الورقة من أوراق الربيع.*

لقد تذكرتُ هذين الكتابين في الأيام الأخيرة وأنا أراقب -كما يراقب كثيرون مثلي- التخبط الفكري والاستراتيجي المذهل الذي تعاني منه إحدى أهم الدول السنية في الشرق الإسلامي، وهي المملكة العربية السعودية،
وهو تخبط ليس بالأمر بالجديد، ولكنه اتخذ منحىً دراماتيكيا في الأعوام القليلة الماضية.

*والسبب في الربط بين الكتابين وبين السياسة السعودية هو أن السلطة السعودية هي أكبر مسؤول عن محنة أهل السنة، وتشتت كلمتهم، وافتراق صفهم، خلال العقود الأخيرة،* سواء بتصديرها لخطابها الديني المتحجر، الذي حصر مفهوم الإسلام في دائرة ضيقة، وحصر مفهوم أهل السنة في دائرة أضيق، أو في استراتيجيتها المرتبكة المتناقضة التي حرَمت أهل السنة من النجاح في التعايش مع الشيعة أو في التدافع معهم.

لقد حافظ جمهور المسلمين من أهل السنة والجماعة على مستوى من اجتماع الكلمة وحفظ الكيان الإسلامي على مر العصور بفضل مبدأين:
*أولهما مبدأ "لا نكفِّر أحدا من أهل القِبلة"*
وهو مبدأ جليل مستمد من الحديث النبوي: "من صلَّى صلاتَنا، واستقبل قِبلتَنا، وأكل ذبيحَتنا، فذلك المسلم الذي له ذمة الله وذمة رسوله، فلا تُخْفروا الله في ذمته." (صحيح البخاري). وأورد النسائي هذا الحديث في باب "صفة المسلم" من سننه.

وقد صان هذا المبدأ الجليل المجتمعات الإسلامية في جل مراحل تاريخها من التكفير الممزِّق للصف، المفرق للكلمة.
وعبَّر الحافظ الذهبي عن هذه المحاذرة من تكفير أهل القِبلة، فيما يرويه عن أبي الحسن الأشعري، وعن شيخه ابن تيمية، فقال:
"رأيتُ للأشعري كلمةً أعجبتْني، وهي ثابتة رواها البيهقي: سمعتُ أبا حازم العبدوي، سمعت زاهر بن أحمد السرخسي يقول: لما قرُب أجَلُ أبي الحسن الأشعري في داري ببغداد دعاني فأتيتُه، فقال: اشهدْ عليَّ أني لا أكفِّر أحداً من أهل القِبلة، لأن الكل يشيرون إلى معبود واحد، وإنما هذا اختلاف العبارات.
[قال الذهبي] قلت: وبنحو هذا أدين،
وكذا كان شيخنا ابن تيمية أواخرَ أيامه يقول: أنا لا أكفر أحدا من الأمة، ويقول: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يحافظ على الوضوء إلا مؤمن) فمن لازم الصلوات بوضوء فهو مسلم" (الذهبي، سير أعلام النبلاء).

*والمبدأ الثاني الذي حافظ به جمهور المسلمين على كيان الأمة الإسلامية هو مفهوم "أهل السنة والجماعة"، الذي كان في الماضي مفهوما واسعا يستوعب جمهور المسلمين من كل المذاهب والمشارب. ومِظلَّة فضفاضة تستظل بظلها غالبية المسلمين، بسلفيّيها وخلَفيّيها، من محدِّث وفقيه ومتكلم وصوفي...الخ،*
وكانت قوة مفهوم "أهل السنة والجماعة" تكمن في مرونته وقدرته على استيعاب مدارس إسلامية شتى، مما جعله يتَّسع للغالبية الساحقة من المسلمين.

وهكذا كان مفهوم "أهل القِبلة" يجمع جميع المسلمين تحت مظلة واحدة، بمن فيهم السنة والشيعة، وكان مفهوم "أهل السنة والجماعة" يجمع جمهور المسلمين -من غير الشيعة- تحت راية واحدة.
لكن مفهوم "أهل القبلة" يكاد يتلاشى اليوم من الثقافة الإسلامية،
كما أن "أهل السنة والجماعة" أصبحوا في عصرنا سنَّة من غير جماعة.
*والسبب في هذين الانحرافيْن يرجع بالأساس إلى ثقافة التكفير والتشهير التي بثتها السلطة السعودية -السياسية والدينية- في أرجاء العالم الإسلامي،*
وهي ثقافة تفرِّق ولا تجْمع، ولا يمكن أن تتحقق معها مظلة جامعة للمسلمين مثل مظلة "أهل القبلة"، ولا أن ترتفع معها راية جامعة لجمهور المسلمين مثل راية "أهل السنة والجماعة"،
*ولا يجهل أحد أن تلك الثقافة هي النبع الذي نهلتْ منه جميع حركات التكفير والتشهير في


الهم فهلكوا في البرية، وأما الثانية فكفرت لأنـها أنكرت القتال وطلبت الأمان من بني قنطوراء، لما رأوا من قوتـهم وعُدّتـهم التي لا طاقة لهم بـها، وهذا عين ما يدعوا إليه المداخلة من ترك المقاومة في القدس وفلسطين وغيرها من البلاد التي غزاها الكفار.
ولا تجد في تاريخ الإسلام إلا قتال الغزاة فإنه مركوز في فطر الخلائق حتى الحيوان، وقد قاتل المسلمون التتار ببغداد حتى قتل العلماء منهم كأبي محمد الجوزي وغيره، وقاتل أهل مصر الفاطميين حتى عجزوا، وقاتل أهل الشام النقفور الدمستق حتى كان يقتل منهم كل يوم نفر ليس بالقليل، وقاتل أهل تونس العبيديين واجتمع أمرهم على ذلك بفتيا أبي العرب بن تميم الحافظ، حتى إن أبا جعفر الداودي نازعهم وادعى وجوب الهجرة من البلاد التي استولوا عليها، فقال له علماء تونس: اسكت لا شيخ لك.!
وقد حكى من صنف في تاريخ الجهاد بالجزائر، أن الفرنسيين إبان غزو الجزائر ظهروا على قرية فأغاروا عليها فكان يقاتلهم أهلُها بالعصي والحجارة، فلا يقتلون من الفرنسيين إلا القليل ويُقتل منهم كل يوم، فجمع قائد الحملة الفرنسية أعيانـهم وأراد أن يتّفق معهم على ترك القتال في مقابل ما يعطى لهم من الغذاء وقال لهم: أي طائل من قتالكم لنا وفي كل يوم نقتل منكم ولا تقتلون منا، فقال له أعيان القرية: صدقت لكن لا نوقف القتال معكم نخشى أن يفسد أبناؤنا.!
ومن لطائف بعض الظرفاء أنه سمع حديث نصرة المهدي من عصائب العراق وأبدال الشام، فقال: الظاهر أن المداخلة يكثرون بمكة فإذا خرج المهدي نابذوه ودعوا لقتاله موالاةً للحكّام، فلهذا يأتيه المددُ والنصرةُ من خارج.!


" الوفاء للقدس والمرابطين بأكنافها "

بين الفينة والفينة يُطالعنا المداخلة والجامية بشنشنة أخزم، وجعجعة أثرم، وعَروضٍ أخرم، بدعوى لا مقاومة وأن الدماء تُسفك دون طائل، ونحو هذا مما ظاهره الحق أريدَ به باطل.!
وما بالقوم إلا العُجر والبُجر الذي يدفعهم إلى الخطبة بالحرم النبوي عن برد الشتاء والاستدفاء بغليان الأمة على القدس، وهم يعلمون أن الناس يعلمون أنـهم على باطل، وإنما هم كالحوت يظمأ وهو في البحر على حد قول القائل:
كالحوتِ لا يُرويه شيءٌ يَلْهَمُهْ ... يُصبِحُ ظَمْآنَ وفي البحرِ فَمُهْ
ولا عجب فإمامهم بالحرم يعتقد أن أمريكا تقود العالم للسلام، وقرار ترمب هذا أول ما يصدّق هذيانه البارد، وليس مع القوم غير أصلين فاسدين في تقرير مذهبهم هذا الداعي إلى ترك المقاومة بدعوى عصمة الدماء، أحدهما: مولاة الطغاة وطلب رضاهم، وثانيهما: بغض بعض الجماعات الإسلامية، ومن عجب دعوى عصمة دماء الفلسطينيين في مقابلة سفك دماء اليمنيين.!
والواقع أن هذا المذهب الرديء مخالف للشرع والعقل والواقع والفطرة والضرورة والعرف والمصلحة وعمل المسلمين، وليس معهم عليه شبه دليل لا من كتاب ولا من سنة ولا من قياس ولا من قول صاحب ولا من اعتبار ولا من نظر، وليس معهم سوى ما ذكرناه من هذين الأصلين الفاسدين.
وبعضهم يتعلق بفتيا الونشريسي في الأندلس وفتيا الألباني المعروفة، وكلاهما تعلق باطل كريح في قفص، أما فتيا الألباني فإنـها خاصة بالشخص فلا تعم كما تقرر في الأصول، وأما فتيا الونشريسي فإن الأندلس قد قاتل أهلها حتى آخر رجل، ولـما استيقن أهلها أنه لم يعد لهم بـها قرار بتغلب الكفار على عامة بلادهم، تركوا القتال لا فراراً منه ولا إبطالاً للجهاد كما يقوله الجامية، لكنهم انحازوا إلى فئة المسلمين بالمغرب ومصر، وأين للفلسطينيين من فئة ينحازون إليها اليوم.!؟
على أن الأندلس قد تغلب عليها الكفار بالكلية، فكانوا يصبحونـهم بالمباغتة فيمعنون فيهم قتلاً، وقد ذكر القرطبي أن والده ممن باغتهم العدو فأغار عليهم صبيحة الثالث من رمضان المعظم سنة سبع وعشرين وستمائة، والناسُ في أجرانـهم على غفلة فقتل وأسر، قال: وكان من جملة من قُتل والدي رحمه الله، فسألتُ شيخنا المقرئ الأُستاذ أبا جعفر أحمد المعروف بأبي حِجَّة فقال: غسّله وصلّ عليه فإن أباك لم يُقتل في الـمُعترك بين الصفين، ثم سألتُ شيخنا ربيع بن عبد الرحمن بن أحمد بن ربيع بن أُبيّ فقال: إن حكمه حكم القتلى في الـمـُعتركِ، ثم سألتُ قاضي الجماعة أبا الحسن عليّ بن قَطْرال وحوله جماعة من الفقهاء فقالوا: غسِّله وكفّنه وصلِّ عليه، ففعلتُ، ثم بعد ذلك وقفتُ على المسألة في (التبصرة) لأبي الحسن اللخمي وغيرها، ولو كان ذلك قبل ذلك ما غسَّلته، وكنتُ دفنتُهُ بدمه في ثيابه.
وأيضاً فإن مقارنة القدس بالأندلس غير متعقلة أصلاً، لما في القدس من القدسية والبركة كالحرمين الشريفين تفنى دونـها النفوس والنسم، فكيف والمسلمون بـها متوافرون ولهم دولة وصولة ومقاومة لا تريد منهم سوى الدعم المادي، وإن كان جمهور المسلمين يفتدون القدس بأرواحهم.
ومن عجب تعلقهم بحديث حرمة دم المسلم وأنه أعظم حرمة من الكعبة المشرفة، مع أن معناه عند أهل العلم في سفك الدم الحرام في غير حله، وقتل النفس التي حرم الله بغير حق، وهذا خارج أصلاً عن محل البحث، فكيف وقد أخبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن من قُتل دون أرضه وعرضه وماله فهو شهيد، فمن قُتل دون بيوت الله ومحارمه أولى، فإنه من تعظيم شعائر الله وحرماته التي هي من تقوى القلوب، وخير عند علام الغيوب، وهذا عام في كل قتال سواء كان العدو أكثر عدة ومنعة أم لا، وقد قال الله: (وكم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله).!
ومن هنا كانت مقالة الجامية هذه مبطلة لمعنى الجهاد في سبيل الله ومقاصده، فإن الجهاد قد عُلم أن فيه من المفاسد مثل إتلاف النفوس والأموال ما هو ظاهر، لكنّ الشارعَ اغتفر هذه المفاسد في جنب مصلحة إعلاء كلمة الله وحماية بيضة الإسلام.
وأخبر النبي عليه الصلاة والسلام كما في (الصحيح) أنه لا يزال يقاتل قريشاً حتى تنفرد سالفته، وهي صفحة العنق، وأخبر الصديق الأكبر رضوان الله عليه أنه يقاتل أهل الردة حتى لو جرت الكلاب بأذيال نساء المدينة.
وأخبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم كما في (السنن) لأبي داود وحسّنه الألباني عن أبي بكرة أن رسولَ الله صلى اللهُ عليه وآله وسلم قال: (ينزل ناسٌ من أُمتي بغائط يسمّونه البصرة، عند نـهر يقال له: دجلة، يكون عليه جسر، يكثر أهلها، وتكون من أمصار المهاجرين، فإذا كان في آخر الزمان جاء بنو قنطوراء عِراضُ الوجوه، صغارُ الأعين، حتى ينزلوا على شطّ النهر، فيتفرّق أهلها ثلاثَ فرق: فرقة يأخذون أذنابَ البقر والبرية وهلكوا، وفرقة يأخذون لأنفسهم وكفروا، وفرقة يجعلون ذراريهم خلف ظهورهم، ويقاتلونـهم وهم الشهداء).
وإنما أخبر بـهلاك الفرقة الأولى وكفر الثانية، لأن الأولى لم تنكر القتال بل فروا طلباً للنجاة وخوفاً على أنفسهم وأمو


أعجب ما رأينا في هذه الأعصار, قوم عابوا لفرط جهلهم التفقه في الدين, فلله درّ منصور الفقيه القائل:
عاب التّفَقُّه قومٌ لا عقولَ لهم...وما عَلَيه إِذا عابوه من ضرَرِ
ما ضَرَّ شمسَ الضُّحى وهي طالِعَةٌ...أَن لا يرى ضوءها من ليس ذا بصرِ
والآفة إنما هي الجهل بما ازدروه, والشعور بالنقص تجاه ما انتقصوه, وفيهم أنشدوا:
أتانا أن سهلاً ذمَّ جهلاً...علوماً ليس يدريهنَّ سهلُ
علوماً لو دراها ما قلاها...ولكنَّ الذمَّ بالجهل سهلُ
وقد أدرك أقوام لذته على كِبَر فتداركوا منه ما فاتهم, منهم القفال المروزي صاحب الطريقة الخراسانية المشهورة في مذهب الشافعي, طلبه بعد الثلاثين, وابتدأ سلطان العلماء العز ابن عبد السلام طلب العلم وهو في الخامسة والأربعين, ثم أدرك رتبة الاجتهاد المطلق, ورحل ابن مكتوم وهو إمام في العربية في طلب الحديث وسماعه وهو في السبعين, فحاز الشرفين, طلب العلم في الكبر, وعدم الأنفة من تحصيل ما لايعلمه مع كونه رأساً في فنه, فعابه قوم على ذلك فأنشد:
وعاب سماعي للحديث بُعيد ما...كبرت أناس هم إلى العيب أقربُ
وقالوا إمام في علوم كثيرة...يروح ويغدو سالماً يتطلبُ
فقلتُ مجيباً عن مقالتهم وقد...غدوتُ لجهلٍ منهمُ أتعجبُ
إذا استدرك الإنسان ما فات من عُلا...فللحزم يُعزى لا إلى الجهل يُنسبُ


ذكر البديع في (مقاماته) حدثنا عيسى بن هشام قال: كنت في بعض مطارح الغربة مجتازاً, فإذا أنا برجل يقول لآخر: بمَ أدركتَ العلم؟ وهو يجيبه فقال: طلبته فوجدته بعيد المرام, لا يُصاد بالسهام, ولا يُقسم بالأزلام, ولا يُرى في المنام, ولا يُضبط باللجام, ولا يورث عن الأعمام, ولا يُستعار من الكرام, فتوسلت إليه بافتراش المدر, واستناد الحجر, وردّ الضجر, وركوب الخطر, وإدمان السهر, واصطحاب السفر, وكثرة النظر, وإعمال الفكر, فوجدته شيئاً لا يصلح إلا للغرس, ولا يُغرس إلا في النفس, وصيداً لا يقع إلا في الندْر, وطائراً لا يخدعه إلا قنصُ اللفظ, ولا يعلقه إلا شركُ الحفظ, فحملته على الروح, وحسبته على العين, وأنفقت من العيش, وخزنت من القلب, وحرّرت بالدرس, واسترحت من النظر إلى التحقيق, ومن التحقيق إلى التعليق, واستعنت في ذلك بالتوفيق, فسمعت من الكلام ما فتق السمع, ووصل إلى القلب, وتغلغل في الصدر, فقلت: يا فتى ومن أين مطلع هذه الشمس؟ فجعل يقول:
إسكندرية داري...لو قرّ فيها قراري
لكنّ بالشام ليلي...وبالعراق نهاري


الشيخ سعيد السلمو من هنا نبدأ وفي الجنة نلتقي dan repost
#أدب_الاختلاف

يحكى بأن يونس بن عبداﻷعلى
(أحد طلاب اﻹمام الشافعي) اختلف مع أستاذه اﻹمام محمد بن إدريس الشافعي في مسألة أثناء إلقائه درساً في المسجد! فقام يونس مغضبا ، وترك الدرس ، وذهب إلى بيته .!! فلما أقبل الليل ،
سمع يونس صوت طرق على باب منزله!
فقال يونس :من بالباب..؟
قال الطارق :
محمد بن ادريس !!
قال يونس : فتفكرت في كل من كان اسمه محمد بن إدريس إلا الشافعي .!!
قال : فلما فتحت الباب ،
فوجئت به .!!
فقال اﻹمام الشافعي :
يا يونس
تجمعنا مئات المسائل ، وتفرقنا مسألة واحدة. ؟!

لا تحاول الانتصار في كل الاختلافات، فأحيانا كسب القلوب أولى من كسب المواقف .!! ولا تهدم الجسور التي بنيتها وعبرتها ، فربما تحتاجها للعودة يوما ما .!! دائماً اكره الخطأ، لكن لا تكره المخطئ .!! أبغض بكل قلبك المعصية، لكن سامح وارحم العاصي انتقد القول، لكن احترم القائل .!! فإن مهمتنا هي أن نقضي على المرض، لا على المرضى.
تابعوا قناة تلغرام

الشيخ سعيد السلمو من هنا نبدأ وفي الجنة نلتقي
https://t.me/saidalsalmo


عجبتُ لقوم يخوضون في الدماء والأعراض وسياسة الأمم ومقاليد الدول, ولايحسنون الاستدلال لأصولهم, بل لاخبرة لهم بطرق الحجاج وما يَعْتَور الأدلة من المنع والمعارضة.!

وقد صدق ابن مسعود رضوان الله عليه (لا يزال الناسُ صالحين متماسكين ما جاءهم العلم من أكابرهم, فإذا جاءهم من أصاغرهم هلكوا).

ومن البلية عذلُ من لايرعوي.....عن غيّه وخطابُ من لايفهمُ


موعظة نحوي..!
وعظ نحويٌّ بعضَ أعيان الأغنياء أن يصل الفقراءَ والمحتاجين من ذوي الخَلَّة والفاقة ومن انقطع لطلب العلم، فجاء في موعظته:
واعلم أن هؤلاء المساكين من صِلَتِكَ وافتقارهم إلى العائد منك، بـمنزلة الموصول الذي لا يخلو من ضميرٍ مطابقٍ يعود عليه لفظاً أو تقديراً، فلا يجوز أن يخلو هؤلاء عن العائد منك، اللهم إلا إن استغنى أحدُهم عنه كما يستغني الموصولُ عن العائد برفعٍ أو ابتداء.!
ومن اللطائف في هذا المعنى ما ذكره العلامة جمال الدين ابن هشام في باب الموصول من (شرح اللَمحة) أن ابنَ عُنين الشاعر كتبَ إلى الملك الصالح عيسى ابن نور الدين زنكي وقد اغْتُلَّ فلم يأته، وانقطعتْ عنه صِلاتُه:
انظُرْ إليَّ بعينِ مولىً لم يزل...يُولي الندى وتلافَ قبلَ تلافِ
أنا كالذي أحتاجُ ما يحتاجُهُ......فاغْنَمْ دُعائي والثناءَ الوافي
فأتاه الملك الصالح وأعطاه صُرَّةً فيها دنانير وقال: هذه الصِلَةُ وأنا العائدُ.!

20 ta oxirgi post ko‘rsatilgan.

10

obunachilar
Kanal statistikasi