#صدمة_نيكسون
- كان الإتفاق العالمي منذ تداول العملات الورقية بدل الذهب والفضة هو اعتماد غطاءٍ ذهبي وحيد للعملات الوطنية ، بمعنى أن العملات الورقية كانت عبارة عن وثائق لإثبات ملكية كل شخص أو دولة مقدار ما هو مدوّنٌ على العملة .
ولنفرض مثلاً أن الدولار الأمريكي كان يساوي غراماً من ذهب فإنه يقتضي ألا تطبع أمريكا دولاراً إلا بعد امتلاكها في بنكها المركزي غراماً من الذهب ....وهكذا .
- بدأت حرب فيتنام 1955م وشاركت فيها أمريكا عسكرياً بشكل مباشر عام 1965م واستمرت حتى انسحابها عام 1973 م .
- أرهقت الحرب أمريكا و أضرَّ بإقتصادها بشكلٍ كبير مما دعاها لطباعة كميات كبيرة من الدولار دون رصيدٍ ذهبي يغطيها وأغرقت الأسواق العالمية بها .
- بدأت الدول تطالب أمريكا بالذهب مقابل حيازاتها من الدولار لكن أمريكا ما كانت تملك الذهب الكافي لذلك ، مما عرّضها لخسارة كامل احتياطاتهامن الذهب!!
بل إنها لم تستطع إيفاء دولة واحدة -فرنسا-في حينها!!
- وفي أب أغسطس من عام 1971م عقد الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون اجتماعاً سرياً مع رئيس الأحتياطي الفدرالي ووزير الخزانة الأمريكي ومستشارين رفيعي المستوى من البيت الأبيض .
بعدها بيوميّن وافق نيكسون على سلسلة من التدابير الإقتصادية وكان من أهمها : إلغاء التحويل الدولي المباشر من الدولار إلى ذهب .
وكان معنى هذا القرار أن أمريكا غير ملزمة بسداد الذهب مقابل الدولارات التي طبعتها وأغرقت الأسواق العالمية بها ،
وعلى الرغم من أن الرئيس الأمريكي نيكسون قال علناً أنه سيتم استئناف التحويل المباشر للدولار بعدالإصلاحات على نظام (برثيون وودز) فإن جميع محاولات الإصلاح أثبتت فشلها. وبحلول عام 1973م تم استبدال نظام ( برثيون وودز ) العالمي -بحكم الأمر الواقع إلى نظام تعويم العملات الورقية-ثم تبعتها دول العالم على ذلك.
يعتبر كثيرٌ من الإقتصاديين أن قرار نيكسون فك ارتباط الدولار بالذهب عام ( 1971-1973 )م أهم حدثٍ إقتصادي في القرن العشرين .
وهو كذلك فإنه بهذا القرار ألغى ما أستقرت عليه.
البشرية أكثر من ثلاثة آلاف عام من تعاملها بالذهب نقداً. واليوم مضى قرابة نصف قرنٍ على سيادة العملات الورقية وتعامل الناس بها بدل الذهب والفضة ، مرّت عليها عواصف كادت أن تروي بها لكن يتداركها أربابها بحلولٍ ترقيعية ما تلبث سنوات حتى تنخرم من جانبٍ آخر ،إلى أن يتّسع الخرق
على الراقع ولا تعود الرُقَعُ تجدي!! .
- ومستقبل العملات الورقية -والله أعلم -إلى انهيار وزوال وذلك لأنه غير قائم على العدل والميزان الذي أنزله الله للناس وما كان قائماً على غير العدل فمصيره الزوال.
فالعملات الورقية اليوم ليس فقط رصيدها من الذهب والفضة والعملات الأجنبية هو ما يسندها في الحقيقة بل هناك عوامل أخرى كثيرة تؤثر فيها وتمنحها القوة والقيمة (( من إقتصاد وسياسة وهيمنة
ومضاربات...وغيرها )). والدولار بالذات اليوم لا يعبر عن قيمته الحقيقة ، وإنما ما أبقاه على عرش سيادة العملات إلى الأن هو هيمنة أمريكا وقوتها.
- وأخيراً : إذا كانت العملات الورقية التي أُنشئت أساساً على أسسٌ صحيحة وتعتني بها وتستندها حكومات العالم وبنوكها المركزية والبنك الدولي وآلاف الجامعات والمؤسسات المالية والخبراء والعلماء والجهود الضخمة ...وتعاني ماتعاني ومهددة بالإنهيار بعد نصف قرنٍ فقط من تسيدها واستقلالها .
- فكيف بما يسمى اليوم بالعملات الإلكترونية التي ليس لها أي رصيد أو قوة أو حماية أو نظام يكفلها ويحميها ويسندها ؟!!
وما هي إلا عدمٌ أو شبه عدم ، و أوهام يقامر بها فئامٌ من الناس .
والله تعالى أعلم وأحكم وإليه الأمر كله وهو المتفرد بالتدبير .
وكتبه:عمار بن سليمان منصور الهلالي.
@ammarAlhilaly